الجمعة، 10 سبتمبر 2010

أحبّك أكثر

أحبّك أكثر

بحرفٍ تعثّر، كنتُ أقاومُ منذ الصغر
تعلّمت منك وفيك معاني حروف الهجاء
ومعنى الصفاء بضوء القمر
ورتّلت بعض قصار السور
لأني وددت أغنيك عند ليالي السمر
وأنظم بيتا عليك
وأبنيك بيتا صغيرا وبيتا سيكبُر
وسامرت بعض النجوم
أناجيك وحيا وعقد النجوم عليك درر
فباسمك ألهو وأعشق فيك
عناق الغصون حفيف الشجر
وأهواك حدّ الثمالة، حدّ التجلّي
كما لو كأني سَكِر
. تناميتِ فييّ، نثرت عليّ العطورَ
ملأتِ الصدور بطيب ومسك وندّ وعنبر
يضوع يضيء الضلوع
وتخضرّ فيها الحدائق تثمر
فأحببت فيك المساء السّحر
وأحببت حتى النهار الذي لم يمر
فيوم يمرّ ولا ألتقيكِ
ولا تحتويني ولا أحتويك
وفجر يجافي سنا مقلتيك
خصما عليَّ، كما لو تعثّر فيه العمُر
وعقرب ساعته منكسر

أحبّك حبّين.. لا بل وأكثر
حبّ كما لا يحبّ البشر
وحبّ كما لا تطيق المعاني حشد الصور
وحبّ كما لا تُحدُّ مياه المحيط
ولا يهدأ في الكون موج البحر
وحبّ كما لا تطيق الحروفُ سطورا بلمس الأثر
وحبّ لأنّ الضياء بغيرك لا يستقر
وحبّ لأنّ الصفاء استقى من ناظريك حنان المطر
وحبّ لأنّك روح تجلّى كما دندنات الوتر
أحبّك نورا ونبعا ودفقا وفيضا وأكثر
أحبّك حرفا أغر

أحبّك حبّين لا بل وأكثر
حبّ لأنك سرّ عميق سكن
وحبّ لأنّك جاوزت كلّ المحن
وحبّ لأنّك سحر بكلّ القلوب ارتهن
وحبّ لأنّك روح تحلّق فوق الزمن
وحبّ كما لو كأنّك أنت الجنان عدن
وحبّ لأنّ الحنان بصدر رحيب كمن
وحبّ كما لو كأنك
عطر وشعر وسحر وفكر وفن
أحبّك حبّا بغير حدود بدون ثمن
أحبّك حبّا لأنّك أنت بكلّ المعاني الوطن

أحبك حبّين لا بل وأكثر
حبّ لأنّ خصالك ندّ وطيب
وحبّ لأنّ المحبّة دين القلوب
وحبّ لأنّ ثراك هلال خصيب
وحبّ لأنّي إذا ما سئلت
فكلّ الحروف تجيب
وحبّ لأنّك أنت الدواءُ الطبيب
وحبّ لأنك أنت الجواب المصيب
وحبّ لأنّك لا تعرفين الغروب
وحبّ لأنّك لا تجيدين فنّ الهروب
وحبّ لأنّك أمّ الشمال وأمّ الجنوب..

أحبّك حبّين لا بل وأكثر
حبّ لأنّك دفق وفيض بغير حدود
وحبّ لأنّك لا تعرفين القيود
وحبّ لأنك عزم حديد
وحبّ لأنك وعي رشيد
وحبّ لأنّك سرّ الوجود
وحبّ لأنّك روح الخلود
وحبّ لأنّك أمّ ولود
أحبك معنى قريبا ومعنى بعيد
أحبّك والحبّ مهما تجلّى عليك يزيد
أحبّك لأنّك عـــــــزة .. وطن الجدود
أحبك حدّا ومدّا مديد
كما لا يحدّ البصر
ضنين بحبك،
أمينٌ عليه،
ومهما أحبّك غيري، فإني
أحبّك أكثر فأكثر.. وأكثر..
.
إقرأ المزيد Entry>>

الأحد، 5 سبتمبر 2010

لماذا الحرف الموتور؟

لماذا الحرف الموتور؟؟
عبدالرؤوف بابكر السيّد

حين يصير الزيف شريعة
والضيم وسادة
والقائمة السوداء تضمّ الشرفاء
وكلّ الأطفال
فالنبض الحيّ، النبعُ الدفقُ
الحبّ الفيضُ يكون قلادة
بصدرك يا وطني
ويكون الغضبُ عبادة
ويكون الموتُ ولادة
زرت عددا من المرات مدينة لندن سائحا، وفي العام 1979 بقيت بها زهاء العام مع أسرتي، توجهت إلى مدينة ليدز بغية الاستزادة من اللغة الانجليزيّة بإحدى معاهدها، وهناك كنت أدرس مع مجموعة من الطلاب مختلفي الجنسيات جاءوا لذات الغرض.. وفي نهاية الفصل الدراسي طلبت منّا أستاذتنا أن يعرّف كلّ واحد الآخرين بوطنه، فقام كلّ طالب بالتعريف عن بلاده، منهم الفرنسيّون والأسبان والإيطاليون وجنسيات أخرى، وعقب كلّ تعريف لطالب عن بلاده تتاح الفرصة لبقية الطلاب أن يسألوا زميلهم لمزيد من الإيضاح إذا لم يوفّ الحديث أو إذا أرادوا الاستفسار أكثر.. وحان دوري، فقمت متباهيا بوطني معتزّا به وحاولت أن أعرّفهم أوّلا بموقعه الجغرافي فقد كانوا يجهلونه تماما، واستعنت بالسبورة كي أرسم السودان القارّة داخل القارّة الأفريقيّة، وكنت أجيد الجغرافيا ورسم خارطة العالم مذ كنت يافعا في المدارس.
. ثمّ شرعت في الحديث عن السودان وكيف ناضل شعبه لينال الاستقلال عن بريطانيا للتمتّع بحريّتنا وتفجير طاقاتنا، كما شرحت لهم الكثير عن خصائص وسمات المجتمع السوداني وتنوّع وتعدّد ثقافاته.. وبعد أن أكملت الشرح وبإسهاب، طلبت أستاذتي من زملائي حينها أن يسمحوا لها هي بتوجيه سؤال لي، وكان سؤالها:
ما الذي يقدّمه السودان للعالم؟ أو بمعنى آخر ما الذي يسهم به السودان في التطوّر الحضاري العالمي؟ وما الذي يستفيده العالم من السودان بعد أن حقّق استقلاله واستغلّ ثرواته وفجّر طاقات أبنائه؟؟؟
أسقطت في يدي حينها، ولكني وبحكم النخوة والغيرة على وطني بدأت أستجمع كلّ ما لدينا من ثروات طبيعيّة، ومن أراض خصبة، وبأنّا نقدّم الكثير من صادراتنا الزراعيّة من قطن وصمغ عربي وثروة حيوانيّة ضخمة وموادّ أوّلية أخرى، إضافة إلى بدايات متواضعة في مجال الصناعة..
ومنذ تلك الفترة وهذا السؤال يستفزّني كثيرا، ممّا جعلني غيرةً على وطني أن أتجاوز الكتابة عن الحب القاصر إلى رحاب المحبّة الشاملة.. لذا كان شعري به هذا الجرح الغائر.. وحتى الآن لا يزال المشهد كما يلي:
- لدينا ثروة هائلة منحنا لها المولى عزّ وجل وهي الزمن.. تمرّ الأيام والسنوات والعقود والقرون ونحن قابعون لا نجدّد ولا نتجدّد ولا نستثمر هذا الزمن المهدر.. ومن المفارقات العجيبة أنّ العرب هم من أهدى لشارلمان في الغرب(الساعة) فضبط الغرب نفسه واستثمر وقته بفاعليّة فكانت هذه الحضارة التي صنعوا ولازالوا يصنعون، ونحن لم نقدّر هذه الثروة ولم نستثمرها، بل هربنا إلى الماضي من حاضرنا.. ولكنّنا باقون متناسلون، سوقا لإنجازات الغرب بل وعالة عليهم. هذا مشهد أوّل.
- المشهد الثاني: أنّ أوّل آية نزلت من آي الذكر الحكيم جاءت تدعونا إلى القراءة (إقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربّك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم) ونحن لا نقرأ ولا نجيد القراءة والتفسير للحياة ومعنى الخلافة في الأرض، والعالم من حولنا يطلب العلم من المهد إلى اللحد.
- المشهد الثالث: وقد بقينا عالة على العالم وسوقا له، شغلنا أنفسنا بصراع مرير على السلطة ومن يحكم ويتحكّم ؟؟ تارة عن طريق انقلابات عسكريّة وأخرى عن طريق الأحزاب الطائفية والقبليّة، إضافة إلى الصراعات الجهويّة، بل والدمويّة.
- والمشهد الرابع هو أنّ كلّ المفكرين والعلماء والمبدعين هاجروا عن أوطانهم التي أضحت طاردة لهم إلى حيث يجدون التقدير بما يسهمون به في الحضارة العالميّة، وذلك لأننا لاهون في صراعاتنا ولا نكرّم أنبياءنا بين أهليهم، ولا عازفينا في أحيائهم.. ويظلّ الوطن بعطائه السخيّ لنا ينظر كما تنظر الأمّ لعقوق أبنائها.
- المشهد الخامس: بالعلم والمعرفة والبحث العلمي تطوّرت المجتمعات ، وعلماؤنا وباحثونا ومبدعونا لا خيار لهم رغم حبّهم لهذا الوطن موتورون ويكدحون فقط من أجل لقمة العيش أو يهاجرون، في حين أن ماضينا يخبرنا عن كيف يفرّغ العلماء للدرس والبحث والدولة تتولّى معاشهم، وحاضرنا نشهد فيه كيف يفرّغ الغرب علماؤه ومبدعوه مؤمنا لهم معاشهم، فما أبعدنا من ماضينا ومن حاضرنا وما أعتم مستقبلنا.
- والمشهد الأخير: هو أنّ نومة أهل الكهف التي نحن فيها لم يحن بعدُ الخروج منها، وعندما نستيقظ سنجد الشمس استقرّت في الغروب.. والوطن لعدم تعاوننا وفاعليتنا يظلّ يأسى لحالنا حاملا لنا بشرا، لنا غرائزنا ولم ندخل بعدُ دائرة الإنسانيّة بقيمها وفاعليتها،ولم نعط الخلافة على الأرض حقّها ولم ندرك بعدُ معناها.
ألا يحقّ للشرفاء أن يكونوا موتورين على ما نحن فيه، والخنجر في خاصرة الوطن، والحرف موتور لما هو عليه؟؟؟؟؟
.
إقرأ المزيد Entry>>