الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

الهاجس المحموم

الهاجس المحموم


وتسلّلت منّا أفاعي الرعبِ عبر حروفنا
وشاب قلبُ رضيعٍ بصدر الأمّ يعتصمُ
طفل المحبّة فيكمُ لمّا يزل.. ما يسطرُ القلمُ
قطعانُ حميرَ في الآذان قد وسِموا
يا أمّة قد خانها الإبصارُ والكلمُ
يا أمّة قد طالها (السّجمُ)
يا أمّة قد سادها الأتراكُ والإفرنج والعجمُ..

الهاجس المحموم والقسمُ
الخنجر المسموم والألمُ
الصرخة العمياء عند صخور الكهف تصطدمُ
والجرحُ خصمٌ عنيدٌ حين يحتكمُ
ما عاد بعد اليوم قرطاسٌ يفيدُ القومَ أو قلمُ
أنعي الضحايا على الطرقات تبتسمُ
أنعي المثقّف والمفكّر والأديب،
أنعي المهندس والطبيب، ومن بالصمت قد لُجِموا
أنعي التراب وقد تدنّس بالغريب
أنعي لكم خيطَ الصباح وقد تخضّب بالغروب،
أنعي لكم بشرا للنّار تحتكمُ
. يا أمّتي أنعي لكم حرفا تردّى واحترق
قطار الهمّ يجتاح الأفق،
نهرُ الدماء على امتداد الأرض يغتال الشفق
فلا الأرحام تشفعُ للمحبّة والعناق
ولا الإيمان والأخلاق تدفعُ للوفاق
يا غرابَ النحس قلْ : غاقٌ وغاق
كنت في الماضي شؤمٌ
وأنت اليوم أشأم من بسوس أو سباق..

كلّ أحلام تنامت، أو تسامت، قد تلاشت من رهق،
كلّ صوت صار يعلو..قد تدثّر بالتقيّة والغسق
سحب الدخان تلفّه كي يختنق
باسم الحماية بالحصار وبالرماية يُعتمُ

دُمّر الصرحُ العراق،
والبناءُ الحرّ في ليبيا تهدّمَ بالخيانة والنّفاق
وشامُ العزّ في ذات السياق
سودانُ عزّة قد تمزّق بالشقاق
مصرُ العروبة قيّدوها بالوثاق،
صومالُنا لم يختلف فيه المذاق
وزاد فيه الجوعُ والنيرانُ والحممُ
يمن سعيد في احتراق
والحصارُ المرّ في غزّةَ.. ما عاد يطاق..
فلا ساقٌ يمدّ الخطوَ أو قدمُ..


عيني تكحّلها امتدادات البلاد
مسكونة لغتي بداء الحبّ من واد لواد
جفّ بالقلم المداد
دماءُ المسك في أرضي تراق
فانساب حرفي في حياء بالتلال وفي الوهاد

الروح عقّ شقيقه انكسر الوفاق
والهاجس المحموم دامٍ،
طعمه مرّ المذاق..
والضادُ ينزف والضحيّة
قد ظلّ يستفتي من اللغة الحروف الأعجميّة
الهائمات على فضائيّات الإثارة،
تنفث العُقَدَ الخفيّة
الغائباتِ عن المعاني والبيان
الحاضراتِ على البنادق والسنان
التائهاتِ بلا قضيّة
الساكناتِ الجرحَ خاصرة الوطن
الساخراتِ من البريّة وهي تطوي للزمن،
العاملاتِ على الفتن
والغدرُ في أركانها خبزٌ وماء..
في أمّةٍ رحلت من التاريخ تهرب للوراء
في أمّةٍ قد قطّعت أوصالها ، بجامعة هباء
خاضت بأوحال المهانة والدنيّة
نامتْ كأهل الكهف من زمنٍ
لم يُحْيِهَا ألمٌ يشقّ الحلقَ أو ندمُ
فلتحرقوا شجر السماء
ولتحتموا بالناي يصدحُ بالرثاء
فالماءُ عبْرَ النّهر من لون الدماء
لم يَعُدْ للدّمعِ خَدٌّ ومآقي
لم يَعُدْ للحزنِ والأفراحِ من خمْرٍ وساقي
لم يَعُدْ للشّعر وزنٌ أو قوافٍ أو تلاقي
لم يَعُدْ للفعلِ ، غيرَ أوردةٍ تُقَطّع
بمديةٍ حدّها قافٌ ..والطعم مرْ
همّها ذبحُ البشر ..
رأسُ لشر ينتشر
فتنٌ ونارٌ تستعر ...

قد فصّل الغربُ لنا أزياءنا .. الله أكبر
ولبسْنا مثل ما شاءَ لنا .. الله أكبر
وقصفنا بالصواريخِ فكبّرنا له .. الله أكبر
حدّدَ الغربُ لنا أعلامنا .. الله أكبر
عيّن الغربُ لنا حُكّاَمنا .. الله أكبر
سمّى لنا أسماءنا .. الله أكبر
وأحالَ القبلة الأولى له ُ.. الله أكبر
فنسينا ذاتنا والحكم داء
حين أضْحَى الغربُ للشرق دواء ..
سيّدٌ في الأمر ، ونحن الطاعة العمياء

يأيَها الكتابُ والشعراء
عُودوا لشعر الخمر ، مدّاحين هجّائين
عُودُوا مثل ما كنتم حيارى
في الصحارى لاجئين
قفوا على الأطلال وابكوا
واشْهِدُوا صُحْباً لكم
واذكروا من كان في الدار يطلبُ ودّكم
أو فاكسروا أقلامكم
ما عادت الكلماتُ تحمل للورى أحلامكم
ما عادت الأرضُ تعرفكم ..أو تنادي باسمكم
ما عادت الأوطان تنطقُ ضادكم
أبناؤكم خانوا وصاروا ضدّكم
وتحالفت جيناتكم أعداءكم
صبّت سمُومَ الحِقْدِ في أحشاء كلّ الأمّهات
ليكون (ساركوزي) الرفيق
وبيت (أوباما) العتيق
قد حدّد الغربُ الطريق
في دوحة الوادي السحيق
لينال "ليفي" من الشرفِ المعاق
وعطر باريس الرحيق مع النفاق

يأيها الكتابُ والشعراء
لا تنسوا علامات النجاة من الغرق
لا تسقطوا في فخّ من ظنّ العدوّ لهُ صديق
في فخّ من قطع الطريق
في فخّ من أشعلَ الفِتَنَ الوباء
وزادَ فيها بالدماء وبالدمار وبالحصار وبالحريق

فلتخجلي يا أمّة صارت تصفّق للغريب
يا أمّة صارت قطيعا من إماء
تُسْبَى فترضى بالنصيب
أمرٌ مريب
باعَت بنيها
هجَرَتْ قوافيها
خابَتْ مساعيها
غابَتْ صفاتُ الصّدق فيها والوفاء
هدمَتْ مبانيها بأيديها
حرقت من المخزون لوحات الأمل
تآمرَ الغربُ وما شاءَ فَعَلْ
قدّرَ الغربُ ..فخادعَ وانتحل
بشنق أحلام المحبة والقبل
طفل المحبة أمّتي .. لمّا يزل
طفلُ المحبّة قابعٌ في المعتقل

قلنا التحرّر أن نبيح القتل حتى الأنبياء
وأنْ نثورَ وأنْ يدُورَ – كما طواحين الهواء – الانتقام
لا فرق بعد اليوم ما بين الحلال أو الحرام
لا فرقَ ما بين الحروبِ أو السّلام
لا فرق بين الظلم والعدل الخرافة
عجزنا عن الفعل البناء
والمبني من الأفعال لا إعراب فيه
فأسلموها للوحل
جرا بحرف أو إضافة
قتلا بغدر أو مسافة

قد دارت الأيّام دورة
وأغرتنا ثمار الغرب عانقنا من الفعل الجسد
خلعنا عباءتنا ، فبانت للورى العورة
هبطنا بعضنا أعداء بعض، في حسد
وقلنا إنها الثورة، وفي الأعناق حبل من مسد
من أجل حكّام جُدد
من أجل أنبوب يُمد
حلف تنمّرَ واستبد
والضحايا لا تُعد
والعالم المسكون بالخوف ارتعد
أطفال (ماجر) بعدُ لم يتكلّموا
تحالف مال الشرور مع البطر
وأطماع الوحوش من البشر
وباسم الربّ
باسم الغرب
باسم السّلب، باسم النّهب
باسم شبابنا المشجب
وباسم الرّعب مجلسه يساندنا
فجاء الغربُ ينتقمُ
يهشّ قطيعنا العدمُ

يا أمّة قد طالها (السّجمُ)
قد خرّبت ذممُ
ودمّرت همَمُ
وهاجرت عن دارنا الحكمُ
والدّين والأخلاقُ والقيمُ
(يا أمّةً ضحكتْ من جهلها الأمَمُ)

الهاجسُ المحمومُ والقسمُ
الخنجرُ المسمومُ والألمُ
الصرخة العمياءُ والسّأمُ
والجرحُ خصمٌ عنيدٌ حين ينتقمُ

عودوا لبدء نضالكم
فكّوا قيودكمُ من أسْرِ من ظَلموا
ولتكتبوا التاريخ تلتحموا
لا يصنعُ التحريرَ من في قلبه صمَمُ

وإنْ كتبتْ علينا فالقصاص هو الخلاص
ولتصبح اللغة الرصاص اليومَ يحتدمُ
فالنّار بالنّار في شرعنا الحكمُ
ما عادَ قرطاسٌ يفيدُ القومَ أو قلمُ
ما عاد بعد الذّبح تعذيبٌ ولا ألمُ
أنعي الضّحايا أمّتي..
على الطرقات تبتسمُ.
.
إقرأ المزيد Entry>>