الاثنين، 11 يونيو 2012

الفتنة العربيّة الكبرى

الفتنة العربية الكبرى
لا تحلموا بعالم سعيد.. قبل تفجير الثورة الثقافيّة

عبدالرؤوف بابكر السيّد
أخذت الأمّة العربيّة درسا في التخريب كما تنبّأ الشاعر مظفّر النوّاب.. وحدث التخريب والفوضى كما دعت إليها (رايس) وزيرة خارجيّة (بوش) الابن.. فعصفت بالوطن العربي ما يسمّى بثورات الربيع العربي.. وهي ثورات لم تحمل من الثورة إلاّ اسمها فقط. لماذا؟؟ لأنّ من أعنّ خصائص وسمات الثورة الشعبيّة 1- أن يكون بها إجماع شعبي، والأمر لم يكن كذلك. 2- وأن تكون نابعة من الداخل دون إسناد من الخارج أو محرّض أو داعم، والأمر فيها لم يكن كذلك. 3- أن لا تكون مسلّحة وإلاّ أضحت إنقلابا أو حربا أهليّة.. لأنّع إذا ما تحقّق اللإجماع الشعبي فالعصيان المدني أقوى سلاح لأيّ ثورة شعبيّة..4- أن تسبقها ثورة ثقافيّة بحيث يكون التغيير شاملا لبنية الوعي المجتمعي من حيث غيرة المواطن على وطنه ووعيه بالحياة والهويّة، لا سياسيّا فقط لاستبدال حاكم بحاكم. 5- أن تكون الجماهير موحّدة الرؤى وليست قائمة على تنازع حزبي يقدّم مصلحة الحزب على مصلحة الوطن. 6- أن لا تسمح بسرقتها سواء من الداخل أو الخارج.. إلى غير ذلك من السمات والخصائص لأيّ ثورة شعبيّة. . ما حدث فيما يسمّى بثورات الربيع العربي هو بتحريض ودعم إعلاميّ وماليّ وسياسيّ وحتّى عسكريّ خارجي لتدمير وإضعاف مقوّمات الدول المستهدفة، وتغيير حاكم بحاكم بما يسمّى بالديمقراطيّة الغربية، فما الذي سيقدّمه الحاكم الجديد وهو مدعوم من جهات خارجيّة سوى الولاء لهذه الجهات المتحكّمة في الاقتصاد العالمي، بحيث يكون واليا تابعا لها كما الولاة أيّام الحكم العثماني، والولاة أيّام الحقبة الاستعماريّة الغربية، والولاة أيام الغزو الاستعماري المعاصر سواء في أفغانستان أو العراق.. كرزايات تنصّب لصالح الغرب.. أمّا أن يحكم حزب يحمل أيديولوجيّة دينيّة، فهذا ما لن يسمح به الغرب إلا إذا مدّ له الحبل لمزيد من الصراع والدمار والخراب والدماء ليكون ذلك مبرّرا له للاستعمار المباشر بدلا عن الاستعمار بالوكالة ما حدث فيما يسمّى بثورات الربيع العربي هو إجهاض للثورة الشعبيّة الحقيقيّة في عدد من الأقطار العربيّة ، وهو تنفيذ لمخطّطات استعماريّة بأسلوب حديث مستغلة حالة الاحتقان والفساد والصراعات السياسيّة والمعارضات التي هربت واحتمت بالغرب والوعود التي قطعتها هذه المعارضات لهم إن هم تمكنوا بمساعدتهم من الاستيلاء على السلطة في أقطارهم، ومستغلّة الإعلام العربي والغربي، إضافة إلى العقوبات ومجلس الأمن وحتّى حلف الناتو لتدمير البنى التحتيّة بعد خلق الفتنة الكبرى المدعومة من بعض رجال الدّين كما يسمّون أنفسهم من خلال الفتاوى والتحريض في المنابر يوم الجمعة ، ومستغلّة الحالة الدوليّة ذات القطب الواحد.. والحالة الاقتصاديّة في الغرب التي بدأت تترنّح، ومن ثمّ فلابدّ من إحداث فوضى الربيع العربي لدعم اقتصاديّاتها ولا ضير أن تسمّى بثورات الربيع العربي. كلّ ذلك ورجال الدّين كما يسمّون أنفسهم يقفون متحفّزين لاستلام السلطة، والمثقّفون الذين لم يحسنوا قراءة المشهد يدعمون الفوضى ليجدوا مكانا لهم في السلطة فينحازون بلا حياء للتدخّل الخارجي من أجل حسم الأمر لصالحهم كما يظنّون. وبكلّ أسف ستستمر الفوضى ولن تنطفئ الفتنة قريبا ، وستغرق البلاد في ديون لا حصر لها تلك التي لن تقود إلا لمزيد من الاستعباد الغربي للبلاد العربيّة، وستكون الأحقاد والثارات والعدوات والإحن بين القبائل والأحزاب والجهويّات والطوائف والأفراد متأجّجة لزمن ليس بالقصير.. حتى تنتصر المقاومة لإعادة الأوطان لأهلها.. وسيندم المواطن العربي الذي كان وقود هذه الفتنة، ولكن بعد فوات الأوان .. فقط ما سيتحقّق هو استبدال حاكم بحاكم لا غير ، وحاكم ضعيف تسيّره السفارات وأجهزة الاستخبارات الغربية. فلا تحلموا بعالم سعيد كما قال أمل دنقل:
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت
قيصر جديد وخلف كلّ ثائر يموت
أحزان بلا جدوى ودمعة سدى... .
إقرأ المزيد Entry>>