الثلاثاء، 2 أبريل 2013

هواجس الهمس..

هواجس الهمس..

                
    

                                    عبدالرؤوف بابكر السيد..

عارٍ من كلّ ما يدثّر مفرداتي من الرمز، لكنها تشرف من علٍ على امتدادات الأفق.. يعانق بعضها بعضا إلى حيث الوله والعشق الهجائي الذي يذوب في دلالاتها المتناسلة مع خيوط الفجر الأولى.. الأشعّة تنسج في دواخلي الفرح الذي كان يغطّ في نوم عميق تاركا الساحة لعربدات الحزن الصامت ، والشجن الذي خاصمته الدموع في كبرياء.. هذا أنا، حرف داخل حروف اللغة الثمانية والعشرين، وحرف خارج هذه الأشكال التي ترسم بها الكلمات.. الجميع لا يعرف سوى الموروث من الأبجدية، وما تضمّ رفاته المعاجم، وما يتناسل من الاجتماعيات التي يجيد الجميع قراءتها إلاّي.. . حاولت جاهدا ما وسعني أن أحلّ الكلمات المتقاطعة، فاستعصت عليّ ولم أفقه معانيها الجديدة..لا الحب ولا العشق، ولا الوطن ولا الصدق ولا الأمانة ولا القومية ولا القيم ولا المعتقد ولا الوفاء ولا الإيثار، ولا الود ولا التراحم حتى في صلة الرحم.. المفردات جميلة ولكنها ترتدي من الأزياء، وتضع من المساحيق ما يخفى رونقها وبهاءها، بعضها تراثي تجاوزه الزمن ، وبعضها تساقط على أرصفة الموانئ من بواخر عابرة.. المفردات رائعة حدّ الاقتناع بها، وبعيدة ضبابية لا تحكم سلوكنا ولا تستضيفها الممارسة الحياتية.. الحكم والمقولات التي تتزيّن بثوب الجمال، نشهق فيها " يا اللــه " ما أروعها.. ولكنها لا تجد مساحة في دواخلنا، ولا زاوية يمكن لها أن تستقر بها.. ألسنة تنطق ولا تفقه ما تقول.. ولأنّ العقول استقرّت على ثوابت هي من نافلة القول، فلا مجال لحركتها وتفاعلها مع تجدّد الحياة واستقبالها لأشعة جديدة ليست تلك التي تبدّدت بالأمس.. أيها الوطن الجريح.. العقوق وصل بأبنائك أن هجروك وهم على ترابك.. لا يشعرون بالغربة التي يعيشونها فيك.. ولا هم يسائلونك عن هذا النزيف الذي لا يتوقّف.. لك الله يا وطني.. ولي الله وهو حسبي.. ولكل من يعمر وجدانه بالله سلوكا وممارسة .. لا مفردات من القول لا تتجاوز طرف اللسان.. ولا تعليق... على واقع أعمى.. زادته العتمة انفصاما، وظلما ، وظلاما.. وليس أمامي سوى الهمس وأنا أنوي الجهر.. .
إقرأ المزيد Entry>>