الاثنين، 21 نوفمبر 2011

المشهد الآن تجلّى....في رثاء الأمّة وشهيدها معمّر القذّافي

في رثاء الأمّة
وشهيدها معمّر القذّافي


قد جئتنا يا أيّها القلب الكبير، يا أيّها الوطن الكبير ونحن مسلوبو الضمير لا من نصير وجدتَ في عصرٍ أبناؤه خانوا النّعم ، جفّ الغدير وحاصرته - رغم جفافه - حمرُ النّعم.. قد جئتنا يا أيّها العملاق من زمن لم يأت بعدُ ، فنحن مازلنا نخوض في وحل الخيانة، نعتي أو ننتقم ولقد حنثنا بعد أن أدّينا أمامك للقسم، قد جئتنا سهما تحمل العزّ بكفّ وبكفّك الأخرى القيم..لم تنم مذ كنت طفلا يافعا من أجل أن نحيا وفي يدنا السيادة،وأنت تحلم بالقمم، وأن تكون لنا الرّيادة في الأمم.. فإذا بنا نغتال في الفرح الوطن.. الآن نبكي كلّ أرض عربيّة بعد أن هدمت لبيت العزّ بعد أن باعت قضيّتها وعلى ثراها تهدّمت حتّى سماها، وانهارت قوافي الابتذال. وتعرّت ابنة السّوق حدّ الاشتعال.ومال حال المترفين، وتكشّفت للعالمين الحقد والحقد الدّفين..وأضحى الزّيف مكشوف الجبين وما في الحقد ينفثه سلاح المستعمرين..
حيّاك حرف عاشق للحقّ أقسم أنْ يسافر في فضاءات الحقيقة، تلفّ مكائد البشريّة الحمقى، وتقتفي خطو القيم، رغم الألم فالحرف ما باع القضيّة، وما زالت الأوطان فيها من عشم..
هذه المرّة لن يستطيعوا أن يزيّفوا التاريخ ، من بعد ما سطّرْته قولاً وفعلا ..فكلّه قد سجّلته لك القلوب وفي الوثائق نابضٌ صوتا وصورة..حتى حين أردت موتا وعلى ثرى أرض البطولة. كنت أنبل فارس قد علّم الكون الإباء مع الشجاعة والرّجولة..

المشهد الآن تجلّى
  ..
ينتابني وجع السؤال عن المآل المرتقب
عن المثال، عن المقال المقتضب،
يا عربُ: هل أنتم عرب..
الشكّ يحملني على الجينات والسينات
من ضعف التناسب والنّسب
ومن (تبّت يدا أبي لهب وتب)
ومن غبراء، داحسُ فاتها سبقُ القصب
خمر التمور أو العنب
حفر القبور أو الكُرب
شرّ لغاسق إذ وقب
النّار والدّمُ والحطب..

هل أنتمُ فعلا عرب؟
أم جاءكم من عند ربّكمُ الغضب؟
أتمرّدٌ من أجل موطنكم؟
أم يا تُرى من أجل توزيع المناصب والرّتب؟
الدّمعة الحرّى
وجهالة الماضين عادت من جديد كي تهب
فالعقل منّا مستلب
لا ما تحبّ وما نحبّ وما يجب.
. لو كنت تنتظر السؤال
أو كنت تبحث في المحال
فانظر إلى سوريا احتسب
وانظر إلى اليمن انتحب
وانظر إلى ليبيا العجب
واقرأ لتاريخ العرب
تجد الخيانة أنشبت أظفارها
من كلّ صوبٍ أو حَدَبْ
لا شعر بعد اليوم ينفعُ أو خطب

فلقد ضحكتُ بحسرةٍ لما رأيت من المقال
ولقد حزنت بحرقةً ممّا سمعت وما رأيت وما يقال
ولقد عجبت بوحشة لمّا رأيت من القتال
أفقٌ بعتمته تجرّده النّخب
سدّت منافذه السياسة والدّراهم والكذب

وطنٌ بكى
لمّا رأى أبناءه يتصارعون
يتآمرون مع الغريب
وينفثون السمّ من حقد مريب
ودماؤهم حدّ الرّكب..
وطنٌ غزاه الطّامعون ويتّموه بغير أب
وتفرّق الأحرار فيه على الفيافي والشُّعب
وطنٌ توارى واحتجب

جفّت ينابيع المحبّة والأدب
رحلت عن الدّار السّحب
سيف ليعرب كان سيفا من خشب
شربوا الخديعة نخبها
كأسا به شتمٌ وسب

ينتابني ما انتاب نوح من القنوط
فمن الهداية قد تعب
غلف القلوب ويفخرون
يدعون حلف الغربِ ، لقتال أبناء العرب

ينتابني وجع الخرافات العتيقة
ألمُ الجراحات العميقة
قول الحقيقة:
أنّنا عدنا كيفما كنّا رعاة في الصّحارى
همّنا جمع الحطب
لعنةٌ حلّت بنا
أم يا ترى ما حلّ شيء من غضب؟

أرثيك حرف الضّاد
قبل أن أرثي لأبطال العرب
أرثيك من واو ومن طاء ونون
أرثي العروبة وهي تفرح بالخؤون
أرثي لحال المسلمين
يصفّقون لعودة المستعمرين
ويكبّرون..
فالله في خلق العباد له شؤون..

نم هانئاً وطني المدمّر..
نم يا معمّر واحتسب
وابشر ، في جنان الخلد حيّا يحبوك رب.
يأتي وراءك جيل من غضب المقدّس
وسيعلمون المنقلب
فالنار تأكل للحطب
وسيستفيق القوم من لفح اللّهب

من يا تُرى قرأ المشاهد أو كتب
وبأيّ حرف يا تُرى عرف السّبب
وهل الجهاد مع العدوّ فريضة
أم وعي جيل مستلب؟
أم يا تُرى حقداً ترسّب عبر أيّام الحقب..

ينتابني وجع الصّيام عن الكلام
ينتابني أنّا نيام
أنّا ننادي بالسّلام وفعلنا الفعل الحرام
أنّا ننادي بالتسامح ونعود نفْجُرُ في الخصام
أنّا نتوق إلى الأمام ونحِن نهرب للوراء بلا انتظام
أنّا ادّخرنا في المخازن ما يجنّبنا السّهام
قُلْ مجلس الأمن تردّى في الظّلام
ما بال جمع العرب همّهم انتقام في انتقام..

ينتابني أنّي تركتُ الناس في ليبيا أناساً طيّبين
إنسانهم أعلى مكانا
طفل المحبّة بينهم
فإذا بهم يتقاتلون وينزفون
يتآمرون ويذبحون .. يكبّرون
بشريّة قد أوغلت في غيّها
خانوا المواثيق، وعهدا ينقضون
الغرب منّاهم بجاه أفضل
فإذا بهم للغرب أخلص ما يكون
يهتفون وينصرون
عقّوا أباهم والوطن
قالوا بأنهم ثوّار قد دفعوا الثّمن
دفعوه للناتو دماء، ثمّ مالا ، ثمّ نفطا مرتهن

وشهيدنا ما خان ماضيه ولا أحفاده
فرضت عليه الحرب، قام بما يجب
وصّى الشّهيد بأن نقاوم
حتّى يعود الحقّ من فوق المآذن ينتصب..

ينتابني أنّا ضعاف والخلاف يدبُّ
يأكل كلّ مخزون وعزّ ينتصب
من أجل تسليم البلاد لغيرنا
هيهات تمزيق الصحائف والكتب..

ينتابني أنّا في العوالم عالة
في قوتنا ودوائنا.. أزيائنا
حتّى إذا ثرنا على حكّامنا
ندعو الغريب لكي يدمّر ما يشاء
فنقدّم الأوطان للغرب
على طبق الخيانة من ذهب..

ينتابني أنّا نقاتل بعضنا
باسم الربيع
وباسم ثوّار القطيع
والنّخب بعواصم الإفرنج
تحتسي كأس المذلّة والمهانة والعجب

ينتابني يا قوم أنّ بلادنا
اسمٌ بلا معنى
ومبنى قد تهدّم
من صراع حول كرسيّ الخشب
السوس ينخر في قوائمه
والطامعون يكبّرون
لربّهم في بيته الأبيض
كي ما يكونوا خلفاءه في أرضهم
كي ما يكونوا سادة لشعوبهم
كهّان رب

ينتابني أنّ البلاد رهينة للغربِ
سكّانها قالوا بأنهم عرب
لا نبتني عهدا إلاّ هدمنا ما سبق
أنا لا ألوم الغرب في أطماعه
لكنّ أتباعا له منّا تحالف واغترب
قد باع أوطانا لغرب وانتسب
والزيتُ يُذكي للّهب
والقصف يدفع للطرب
والقتل والتدمير من سلب ونهب
فسيستفيق القوم عن وطن خرب
رحلت بلاد العُرْبِ عن أرض العرب
هذا الربيع مخضّبٌ بدم العرب
ما أرخص الدّم في بلاد المُغتصَب

الموت يحصد بذرة الأحقاد آلافا
والفتنة الكبرى لا ترى في الأفق إيلافا
والناس في ريْب لا تجد للحال أوصافا
والهدم طال بيوت العزّ،
ومن بالبيت أطفال وأحرار وأشراف
ينتابني أنّ النضال يطول ما طال الغضب
وللشهيد سنحتسب
أنّ الجهاد فريضة في ما يكون وما يجب

الماءُ سبّح باسم خالقه عبر نهر مكتسب
والماء يغسل كلّ مفردة كذب
والماء يطفئ كلّ أحقاد اللّهب
والماءُ يشفي للصدور وينمحي معه السّغب
ينتابني أنّ الجفاف يحلّ في أوطننا
وترتحل السّحب..

أرثي معمّر ..
بل أرثي الوطن
أرثي لعيب قد توطّن في القلوب وقد سكن
أرثي لوعي قد تدثّر بالوهن
أرثي النّخب
أرثي معمّر والشموخ وعزّ بيت قد نُصب

ما أروعك وأنت ترعى للقيم
ما أجملك وأنت تنثر للحكم
ينتابني أنّ البلاد رهينة
طوعا لهم.. أو منهمُ
أو هدم بنيان المعاني المنتظم
أنّ النفوس ضعيفة..
لم نغيّر ما بها
كي ما نغيّر حالنا أو نُحترم
أنّ البكاء فريضة الضعفاء
ما فات من زمن، وأطلال النفوس مع النّدم
أنّ الهُدى هدي الإله
وقوّة النفس الأساس
وليس إرهاب العجم
أنّ الهُدى فيه الوفاء
صفاء ماء
وطهارة الوجدان من خدش المهانة
في زمان غاب فيه الصدق والنور احتجب
واستسلم الإنسان للبشريّة الشوهاء،
طفل المحبّة قطّعوا أوصاله
وتبدّلت أيّامه، والهُدى منّا احتجب
رمضان يسبقه ويتلوه رجب

حين استفاقت من كراها
ما تراها في ثراها الطّيبُ
وفي القلب النزيف يشقّ أوردة
لتمزيق عراها
حملت تراتيل الحروف ولم تغب
عن وعيها نضجا بها لم تُستلب
أدّت يمين العهد
ما حنثت ولا خانت
لحبّ بلادها صمدت
ما هزّها أن تنتحب
لمّا رأت شبح الجريمة
ينشب الأظفار أعناق المدن
كان قابيل يجوب شوارع الإسفلت
سنوات قحط عمّت المدن الجميلة
لكنّها قد خبّأت في قلبها
لون السنابل
وبذرة الأمل المقاتل
ومحبّة الطفل المناضل
منذ ارتحال شهيدنا
كتبت بأنّ النصر حتما سوف يقتلع المهازل
وتعود بسمة أمّهات
غيّبتها الترّهات ..وتاهت في المحافل
إنّها أرض ولود
لن يضيع بها الغضب
لا ولن تركن لشرع الغاب من سلب ونهب
لا ولن ترضى بمن والاهمُ الغربُ
وللزيت على النّار سكب
إنّها لغة حمتها بالوفاء
ومن لعُمْرٍ قد وهب
من أجل أن تحيا الجموع عزيزة
وشريفة لا تغتصب
ينتابني يابنة العُربِ
كأن العُرْبَ ما عادت عرب
وعيٌ تدنّى واغترب
ولسادة الغرب انتسب
حتّى عقيدتهم
أضحت رياء أو كذب
باعوا الدّيار ومن بها وبلا سبب
غير المناصب والرّتب
لكنّهم لا يعلمون المنقلب

ينتابني أنّ العبادة لم تعد
كمعاملات في احترام أو أدب
لا ولا للبشاشة والتحيّة والسّلام
والابتسام لمن نحبّ أو لا نحب
لا ولا لنقاء نفس
بالطهارة والإباء المستحب
هل يقبل الله الصلاة أو الصّيام
ولنا من أبي جهل نسب
شتّان بين محبّة في الله
والإنسان والوطن الجريح المغتصب
وبين عداوة في النفس
والأحقاد والإحن التي فاقت لحاملة الحطب
ومن يكبّر للخراب وللدّمار
ويدّعي زورا حاملا لغة العرب..

ينتابني أنّ الشّهيد وقد سعى
من أجل عصر من ذهب
فإذا به متقدّما عن عصره
عددا كبيرا من حقب
فالغدرُ طال الأنبياء، خلفاءهم
إن كنت في شكّ فاقرأ لتاريخ العرب

يا درّة الشهداء
نم هانئا،
شرفاء أهل الدّار والأنصار
والأحرار في كلّ الدّيار
لن يهنأوا إلاّ بعودة قمّة المجد الذي
أفنيت عمرك رافعا صوت العرب

ينتابني حزن نبيل لا يغيب
حزن أطلّ على الغروب
هل يكتب التاريخ أنّ الشمس
قد استقرّت في المغيب
وأنّ سؤالنا قد تاه لا يجد المجيب
وهل العيوب تكاثرت حتّى تداهمنا الخطوب
حتى الخصام فجوره ليقودنا نحو الحروب
حتّى العقيدة والتفاسير العتيدة
قد تشعّبت فيها الدّروب
حتى الفتاوى.. كلّ من يفتي
يغالي حين يفتي فيرتكب الذنوب
أو هكذا كنّا نعيد السيرة الأولى لأيام العرب
فنستعين لا بإلهنا
بل بالأعاجم والأقاويل الكذب..
عجب عجب..
أحبيبتي هل تبحثين عن السّبب
فلتسألينَ عن النّوايا
والخطايا، والزوايا..
والخطابات التي قد روّجت لربيعنا الدّامي
لنعيش في بيت خرب..
الله يا أحرار في دار السّلام
الله يا شرفاء في بيت لشام
الله في يمن تمزّق بانقسام
الله في ليبيا المثابة والمقام
الله في مصر العروبة والفتن
الله في هذا الزّمان المرتهن
الله يا إنسانُ من هذى المحن
الله في أطفالنا، أشلاء قد دفعوا الثّمن
الله في عزّ الحرائر
وهنّ يفقدن الأمين المؤتمن
الله في مدن تلاشت
حين حطّت فوقها الغربان
ما بين الشوارع والتّرب
الله في سرت الحبيبة فوقها
شرف العروبة ينتصب
أحبيبتي ينتابني وجع نبيل
حين نجم سمائها عنها احتجب..

أحبيبتي
كتبت علينا أن نجاهد في البوادي والشّعب
أن نستردّ بلادنا بعد استباحتها ونكتب ما يجب
حتّى يعود الحقّ أبلج مثل رابعة الحقب
أيّام كان معمّرٌ عزّاً لأفريقيا العرب
أيّام كان الرّمز وولاؤه للصّدق
والشعب الذي امتلك الحقيقة وانتسب..

ينتابني يا أصدق الفتيات
أحلى الأمّهات
أنّ الغرب كان يخاف فارسنا
وترتعد الفرائص إذ خطب
وهب الحياة رخيصة
من أجل إنسان ورب
وكان شمعة ثائر
ما أطفأتها كلّ الأعاصير التي كانت تهب
ولا كلّ الطيايير التي لقنابل الموت تصب
حتّى إذا ما حوصرت كلماته
فللوصيّة قد كتب
رحل الشّهيد ..والأرض أضحت كالشهب
لن يصمت الشرفاء
فطريقهم أنّ الحياة لمن غلب
فالنار تأكل للخيانة مهما تمادت في الطرب
أيّامها معدودة وسيستعاد المستلب
أحبيبتي صبرا وصبرا يا عرب
أمعمّر نم هانئا
فإنّ فكرك لم يغب
وعزيمة الشرفاء أقوى
من شرع غاب مجتلب..

ينتابني أنّ ما نبنيه يهدمه الذي يأتي
كي ما نعود إلى الوراء
ونمارس الإقصاء حتّى في البناء
هل يا ترى هذا ابتلاء
أم أنّنا خصمٌ لدودٌ للوفاء؟
ماذا ترين حبيبتي
عند التنكّر للوطن
وكلّ من يأتي سيفعل ما يشاء
سرقوا الربيع ويتّموا كلّ العرب
والربّ في بيته الأبيض يختار النّخب
ويجمع في خزائنه الذّهب
تبّا لبائع أرضه والمغتصب

ينتابني أنّ الوطن ببنيه آخر ما نحب
عجبي تجاوز للعجب
ولتكن كلّ البلاد
بين المزاد باسم الجهاد أو التّرب

لكنّ جيلا من غضب
جيلا في الأصالة من ذهب
سيستعيد المستلب..
مهما تمطّى الليل فينا
أو أعتمت فينا الليالي والحقب..

ينتابني أنّا عراة في الضّحى
خَجِل الجميع لنا ولم نعِ ما السّبب
أمّة ضاعت بقتل خيارها
انحازت إلى أعدائها
تاهت عن الجودي
فقدت بصيرتها وقبلتها الهُدى
فالسيل يجرف للغثاء
وتحجبه الحجب

ينتابني أنّ العروبة أصبحت
سخريّة الأمم الصّحاب
وأنّ حرف الضّاد ليس سوى الكتاب
يحميه رب
أنّ الكذب سمة الخداع ما بين عصر منقلب
أنّ البشر أضحوا سباعا
وثَبَتْ على الإنسان فينا من وثب
عدنا إلى عصر الجهالة والجدَبْ
عدنا إلى عصر الحروب لبعضنا
للغرب أصبحنا الذّنب
فافرح لقتل أخيك جهرا
وليغنّي من طرب
دمّر وكبّر باسم ساركوزي
فالعقل فينا قد خرب
واذبح وهلّل باسم أوباما
يشرب من الدّم من شرب

ينتابني أنّ الحروف بكت دما
لربيع صهيون العرب
لم يبق من ضاد البريّة
غير ضعف فيه دب
حتّى البكاء بحرقة
ما عاد يطفئ للّهب

ينتابني أنّ المثابة للنضال
أضحت ملاذا للكُرب
والمال والدّم والرّجال
والأرض والعرض الحلال
بيعت لمصلحة النّخب

ينتابني ارتحل الجمال
بوصاله وجلاله وبهائه
عن القبيلة والعشيرة
والدّيار كما الصّحارى
والنفوس أصابها الشرّ العطب
لم يبق فيها من براءة للطفولة
أو حدائق للنفوس
غير الحرائر تنتحب
وغير ربّ من علٍ
يهدى الهدى ولمن يشاء إذا أحب

قد كنتِ يا ليبيا مقاما طيّبا
فيه السّلام والابتسام
والأصدقاء الأتقياء الأنبياء ومن نحب
كنت المثابة للجميع أمّا وأب
وآي الذّكر والإيمان كنت
وكنت القراءة والكتب
ما بالك اليوم وكلّ من فيك ارتعب
باعوك يا بلد الصفاء
أرض الوفاء المستحب
باعوك للإفرنج، فتحوا لهم
أبواب أفريقيا العرب

يا جيل غد
يا أيّها الآتون من رحم الكمد
يا أيّها الباقون من حتْم وبد
يا أيّها الجيل المعاند والمثابر والسّند
لمّا بقيت من العدد
أحدٌ أحد
فرد صمد
وطن تمدّد واتّحد
وطن ينادي للبطولة والشجاعة والجلد
وطن الجهاد المتّصل من أمسِ حتّى يوم غد
وطن له من العزمات بدر أو أحد
يا أيّها الجيل الذي ولدته آلام المخاض
تحت قصف المرتعد
أوطانكم تحت الحصار
عادَ التتار لمّا رأوا عملاء فينا
يناصرون المغتصب
أهدافكم في البرّ واضحة وفي البحر الّلجب
ينتابني صوت ينادي بالجهاد إذا وجب
يا أيّها الوطن الجريح المستلب
إنّ الحياة بغير عزّ ، خير لها أن تُحتجب

ينتابني فجر أغر
سيطلّ من رحم القدر
ليعيد تاريخ البشر
وليهزم الشرّ في أعماقنا
ويزيله العقل الخرب

ينتابني أنّ المظالم حين تصبح شرعنا
والغدر يجري في العروق
كما الخيانة تنتصب
والحقد يشهر سيفه
نارا ويوغل إذ شرب
وتحاصر الأطماع منّا كلّ ماء قد يصب
سنستعيد الأمس يصبح زادنا
لغد الحياة المحتجب

ينتابني أنّ الخيانة كشّرت أنيابها
والأوفياء بنا كُثُر
ينتابني ما انتاب قلب للشّهيد
حين حاصره الحجر
و فوق سمائه حلفٌ لشر
كتب الوصيّة للنّضال المستمر
ضدّ الخيانة والعمالة
والطّامعين من وراء البحر
أحفاد الغجر
إن كان ما قدّمت قد غاظ العِدا
وأبَوْا علينا أرضنا من أن نحب
فلتعلموا أنّ الجهاد فريضة ولقد وجب..
شدّوا العزائم لقّنوه الدّرس حتّى ينسحب
عملاؤه لن يصمدوا
وسيعلمون المنقلب
كلّ القبائل تكتب التّاريخ تحفظ حقّها
وتسطّر الأمجاد يذكرها العرب
أرضٌ طهور
لن يسمح الشرفاء فيها
أن تكون رهينة
أو أن تباع وفي المزاد
أو بالخيانة تغتصب
عرب بليبيا لا يركعون لغير رب
سوريا تمور بين الخيانة والغضب
مصر الكنانة إن لم تعِ ما دورها فستحتجب
وعراقنا يكفيه ما عانى
فكلّ ما فيه ومن فيه تعب
وربوع غزّة صامد،
وجنوب لبنان الغضب
سوداننا يتربّصون به لكي لا ينقلب
ويواصلون النهش من أطرافه
خوفا لمارد ينتصب..

يا أيّها العرب الأشاوس
تاريخكم بين الحقيقة والكذب
هبّوا لنجدة أرضكم
أوطانكم صاحت بكم
أين المغاوير النّجب؟
جفّت ينابيع الوفاء لأرضنا
أم يا تُرى غضب الإله من العرب؟
هُدمتْ صروحُ العزّ
وانتصبت عروشٌ من خشب

ينتابني حزن لهاجس من قيم
أنّ الحروف بأرض يعرب لا تقيم
أو أنّها انتحرت بوادي الرّافدين
أو ربّما وهنت لقيد في اليدين
أو أنّها هجرت بوادي الشّام ، أعشاش المعرّي
ومن تنبّى واللسان وما يبين
فأعجمنا حروف اللين
أكثرنا من الجرّ
ما بالحرف أو بإضافة المتعلّمين
وشيوخ دين تابعوا المتآمرين
فالمشهد الآن تجلّى
سيجيب عن وجع السؤال المرتقب
من كان قد رضع الكرامة
عند بادية العرب

المشهد الآن تجلّى
بين من باع الضمير أو استلب
وبين من ضحّى لأجل هويّة مغروسة
في قلب من لبّى النداء لعزّة.. ولها وهب
ولفجر نصر قادم يرعاه رب
المشهد الآن تجلّى
فأين أنتم يا عرب..؟
أين أنتم يا عرب..؟؟

.
إقرأ المزيد Entry>>