الاثنين، 26 أكتوبر 2009

الأمانة خاصيّة العلم والمعرفة




 البراق النذير الورّاق يتصدّى منصفا على موقع الجمعيّة السودانيّة للدراسات والبحوث في الأدب والفنون والعلوم الإنسانيّة  وتحت عنوان : {وتريّة الهاجس والحرف .. شرف لا يدّعيه الفيتوري .. أعيدوها لدفاتر عبد الرؤوف السيّد } بتاريخ 9. يونيو . 2009.. وأنا أستأذنه كما أستأذن الموقع لأعيد نشر ما كتب في مدوّنتي ضمن ما كتب من قراءات النقاد والأدباء حول الوتريّة وغيرها من شعري.......



. في زمن أخذتني فيه رحلة التدريس الجامعي طيلة السنوات العشرين الماضية فوجئت بمن ينسب وتريّة الهاجس والحرف إلى كبار الشعراء الذين أعتزّ بهم
.وأفخر، فهم رصيد هذه الأمّة.. وفي ذات الوقت وجدت على شبكة المعلومات الدوليّة من يتصدّى منصفا ودارسا لهذا النص الذي نشرته العديد من المواقع..
وتوضيحا عن التساؤل الذي طرحه الأخ الورّاق عن اختفاء كاتب النص وعدم ظهوره في الساحات الأدبيّة والثقافيّة والمنتديات وحتى في شبكة المعلومات، أودّ أن أشير هنا إلى أنّ ظروفا موضوعيّة ليس - مجال سردها الآن - قد حالت دون هذا الظهور إضافة إلى التعتيم الإعلامي الذي مارس دوره بهذا الخصوص فوتريّة الهاجس والحرف .. ألقيتها بعدد كبير من المهرجانات والأمسيات الشعريّة.. وأذكر منها في السودان – جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وقاعة الصداقة، والفندق الكبير، كما ألقيت عند تكريمي وتوسيمي بوسام الفاتح العظيم وأنا بالسودان بقاعة الصداقة بالخرطوم عام 1990 قصيدة " أمام عدالة الوطن" ، حضر التوسيم عدد من وزراء النظام وأعضاء مجلس الإنقاذ وجماهير غفيرة ممن اعتزّوا بالمناسبة حينها.
كما قمت بإلقاء وتريّة الهاجس والحرف بعد ذلك بجامعة الفاتح بطرابلس، وجامعة قاريونس ببنغازي، وجامعة التحدّي بسرت، وجامعة سبها، وجامعة الجبل الغربي، والمعهد العالي للمعلّمين مصراته، والمعهد العالي بسوكنه، وبعدد كبير من المنتديات والمواسم الثقافيّة والمهرجانات والأمسيات الشعريّة.. وقد أذيعت عبر فضائيّة الجماهيريّة ونشرت بعدد من صحفها.. وضمّتها المجموعة الشعريّة التي صدرت العام 2007 تحت عنوان {الحروف}..
أعود لمن أنصف من أجل الحقيقة إلى الأستاذ البراق النذير الورّاق، وأنا أورد نصّه مستأذنا له وللموقع، فقد قمت بإنشاء هذه المدوّنة لأكسر عجز التواصل وتعتيم وضعف الإعلام.. وأرى لزاما عليّ أن أشيد بالأخ الورّاق الذي تعرّف على النص وتلمّس من خلال مفرداته موطن كاتبه، وسأل عن مكان غربته، وآلمه نسبته إلى الغير.. شاكرا وممتنّا ومقدّرا صدقه وإنصافه.. فالإنصاف سمة الشرفاء.. والأمانة خاصيّة العلم والمعرفة..
وأورد فيما يلي نص الورّاق الذي أعاد نشره في ذات الموقع المشار إليه :
هذه المادة أعيد نشرها لأسباب متعددة أهمها بالنسبة لي الآن أن هناك بعض أعضاء المواقع الإلكترونية استخدمها مع تجاهلي ككاتب أصلي لها، ولكن عموماً لي أمل في نقاش ونقد بناء من قبل عضوية المنبر..هذا مع شكري ...................................................
أعيدوها لدفاتر عبدالرؤوف السيد/ وترية الهاجس..شرفٌ لا يدّعيهِ الفيتوري:
حين يكون الزيف شريعة.. والضيم وسادة
والقائمة السوداء.. تضم الشرفاء وكل الأطفال
فالنبض الحي النبع الدفق.. الحب الفيض.. يكون قلادة..
بصدرك يا وطني.. ويكون الغضب عبادة.. ويكون الموت ولادة.....
ترى هل أكون وصلت حد المبالغة إذا قلت وأنا على القسم بعد الكشف على سلامة عقلي والتأكد من بلوغي سن الرشد "ما سمعت في حياتي قط شعراً أبلغ من هذا"، وهل يمكن أن يرضى عن قولي هذا أدباء بلادي وفطاحلة نقادها ومثقفيها، وهل يا تُرى يصدقني القارئ ويفكر للحظة فيما أقول، بل وهل هذا الرأي واقعي أم أنه محض إعجاب أعمى بكلمات صادفت هوى في نفس تتوق لما يروي تعطشها في زمان مُلئت أكوابه الشعرية الصدئة، بالصديد.
ولكن ليتمهل القارئ ولا يطلق أي حكم قبل أن أورد بعض الأبيات من القصيدة التي جعلتني أخوض في هذا الحديث، وليتسع صدر كل مترصد للاستماع للكلمات التي ألقيت في ( 1987م) تقريباً وربما نظمت قبل هذا التاريخ بزمن طويل، ولكنها- حسب ظني الآثم- لا تزال صالحة فى زمننا هذا، قبل أن يوصمني بأى صفات من قبيل، مبتدئ.. أين درس النقد.. مال هذا والشعر.. إلى آخر الصفات، التي تطال حتى من اشتعل رأسه شيباً تحت قباب الأدب، فأنا فى سبيل مقالتي هذه، سأتحمل أي صوت وسوط، وذلك لأنني لم أجد أثراً لكاتب هذه القصيدة لا في الملفات الثقافية للصحف اليومية، ولا فى الدوريات الثقافية ولا المنتديات الأدبية والشعرية، ولا حتى فى الشبكة العنكبوتية التي تحتمل الغث والسمين، بل وجدت القصيدة على الشبكة ولكن بإسم شاعر اّخر، وهذا ما أحزنني، فالقصيدة منسوبة لشخص غير كاتبها وفى أكثر من موقع على الأنترنت، لدرجة أن هذا النسب أصبح أشبه بالخطأ الشائع، الذي يكلف تصحيحه الكثير، فالبعض كلفتهم محاولة تصحيح الأخطاء الشائعة الرقاب، ولكنني قبلت خوض هذا التحدي بالدلائل والبراهين التي ستقطع دابر كل شائعة وتعيد الحق لأصحابه، فقد تعبنا من ضياع الحقوق غصباً، فما بالنا نرضى بضياعها إهمالاً وتكاسلاً.
الشاعر عبدالرؤوف السيد، بحثت عن تعريف له فلم أجد، سألت عنه المهتمين بلا طائل، أخيرا جاءتني عنه أخبار من ليبيا، مفادها أنه يعمل كموظف هناك منذ عقدين ربما، هذا الشاعر هو صانع التحفة الفنية المسماة" وترية الهاجس والحرف" والتي تنسب في كثير من المحافل للشاعر محمد مفتاح الفيتوري، ولكن أين الفيتو ري من تصحيح هذه المعلومة، وأين عبدالرؤوف السيد ليسترد حقه المسلوب؟، فعبد الرؤوف السيد، المهدر حقه، والذي أملك له تسجيل بالفيديو داخل قاعة الصداقة بالخرطوم عقب انتصار الشعب في أبريل( التسجيل حوال العام 1987م)، يلقي هذه القصيدة من خلال هذا التسجيل وهو واقفٌ لما يقارب الخمس وعشرون دقيقة، وتتقاطع بين كل بيت وآخر من القصيدة تصفيقات حارة من الجمهور الذي ضاقت به القاعة، لم يحرك ساكناً إزاء هذه الشائعة التي تلصق هذه القصيدة بقوة، بدفاتر شاعر اّخر.
يقول عبد الرؤوف السيد الذي يبدو من ملامحه فى ذلك الوقت أنه فى العقد الرابع من العمر، بعد المقدمة المكتوبة بعاليه، وبعد أن يقول أسم القصيدة:
ما بال الهاجس يوغل بين مسام التربة يكتب فينا كيف نكون..
نتعلم كيف وفيم علام وأين نكون..
من كنت تكون من كان يكون..
فالغربة عالقة تملأ فينا البعد العمق النفس اليوم الأمس فكيف نكون.....
هكذا بدأ الشاعر عبدالرؤوف السيد القصيدة، وبهذا النمط الرنان سيواصل في قصيدته المبهرة التي يكاد يفقد حقه فيها، بتكاثر الإشاعات حول ملكيتها، فهناك من يقول أنها للفيتو ري وقد ألقاها بالمربد (ونال عليها الجائزة الأولى)1، وحتى الفيتو ري نفسه يقول لأحد سائليه عنها(ربما تكون لجيلي عبدالرحمن أو محي الدين فارس)2.
من المحزن حقاً أن لا تجد مثل هذه القصيدة حقها من التعليق والقراءة والاهتمام، خصوصاً إذا علمنا أنها لازالت مواكبة، ويمكن قراءة ما بداخلها وفقاً للحاضر الماثل، هذا خلاف أن بها توثيق لتاريخ طالما حاول البعض طمسه، ولكن المحزن أكثر أن شاعراً مثل الفيتو ري يغيب عن متابعة هذه التحفة الفنية التي ناقشت قضية الوطن بعمق ابتدأ من إنسانية الإنسان وهويته وحياته بعيداً عن الوطن ضمن :
فالغربة عالقة يا هاجس منذ أمتد البصر وعانق أرصفة الميناء
عانق ألوان الأزياء.. مذ.. زاغ البصر وضل الأثر وشح المطر
بلا مبتدأٍ بقى الخبر.. بدون حياء.....
ولكن شاعر القصيدة لا ينسى ما به من آلام الاستلاب وجروح الهزائم الثقافية التي مُني بها هو ومن معه، حتى أضحت عادة ترقى لمستوى اللابديل:
خذ هذا العقد فريد لم تلبسه فتاة من قبل
خذ هذا العطر الفردوسي الباريسي الرومانسي
خذ بيتاً من علب الكبريت الفاخر......
أيضاً توصيف الجمال والتعبير عن الولع بالحسن والحسان لم يسلم من تلك الهزائم، فجاء الإعجاب بمنتج الغربي المتقدم (التبغ)، مرتبطاً بالإفصاح عن شعور تجاه المفاتن الحسية للجنس المغاير(الفتاة)، وهذه مرحلة تفوق الوصف في التعبير عن اغتراب الذات، الذي طال حتى الوجدان، فواصل قائلاً:
خذ هذا التبغ له رائحة الرمان بصدر فتاة عذراء
الضاد تمسح زمناً في الصحراء
خذ هذا القدح اقترح الفرح عليك
فرح العينين يعيد جِنان الخُلد إليك
فأعذرهُ أباكْ.. أعذره أباك.. الحرف فداك
كُثبان الرمل امتصت روحك منذ سنين..
قد بدد حرفك روحك في هذا الكون..
فماذا بعد.. وفيما البُعد.. وأما بعد ولما بعد..
نصارع لجتها الكمد الأمد الأبد الساكن فينا..
وعند تخوم الليل بيوت الليل..
نجرد حنجرة الصوت..نخيف الصمت..
يبتلع اليم حصيلة معجمنا اللغوي..
منذ أبيتَ اللعنة.. عليك اللعنة.. حتى ترتد اللعنات علينا.....
ولكن رغم ذلك فإن الشاعر لا يمل في بحثه عن ما يمكن أن يرد له ذاتيته، فراح يفتش في الصفحات المنسية عن ماضٍ تليد، ورحم ربما يكون به حَبلٌ، ولكنه مهجور بلا قابلة:
رحت أنقب في الصفحات المنسية من زمن..
والرحم المهجور بلا قابلة..
والجذع المنسي لنخلتنا الشامخ كان بأرصفة الصحراء..
تجعد هذا الوجه بلا تجربة..
بين الغبراء وداحس والميناء..
هذا الميناء أمتص رحيق براءتنا..
وشهية طعم أصالتنا..
من دهشتنا نسى الصابر منا عند الجوع سنامه.....
ربما يقول قائل، من الذي أثبت سودانية هذا الشاعر، بل من أين لي أن أعرف إنه لم يكن ليبياً صرفاً، خصوصاً وأن ذاك العرض الذي ظهر من خلاله عبدالرؤوف السيد كان يخص تنظيم اللجان الثورية، والذي لا نسمع له صوتاً اليوم، أقول ربما هناك مشكك فى سودانية الشاعر عبدالرؤوف السيد، ولكن الأبيات التالية دليل كافٍ على انتمائه لتلك الأرض التي يتوزع أبناؤها بين بلدان المشرق والمغرب بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة، أو البطالة، أو بالهجرة القسرية التي تأتى لأسباب تخص (العصب):
عند المفرق كانت خصلة هذا النيل علامة..
نسى الكامن فينا والمكنون..
ما بال الهاجس يوغل بين مسام التربة.. يكتب فينا كيف نكون..
من عمق مسام التربة هبت كل جذوري من مرقدها..
انتفضت لتلاحق بالأنفاس حروفاً مثقلة برماد الحزن الميمون..
هتفت وتهجت حرف الواو وحرف الطاء وحرف النون..
يا واهب هذا الكون النسمة..
دثرني بأرق الطبقات شفافية..
لأن الواقع يجرحُ عيني..
أخشى أن أفقأ عيني..
أكتبني صفحة عشقٍ في وطني..
أو سطراً في ملحمة الكون الأبدية..
ويواصل:
يتمرغ كان القمر الشاحب فى وجنته المحمومة..
حتى غطى الفيض الهامة..
عند الصفر أحمرّ الأفق وكان اليوم قيامة..
عند الدائرة السبعين من الدوامة..
عند هبوب عواصف ثلج السلطة رحلت..
تاهت جوهرة العدل المفقود وأضحت تاجاً لرئيس الحزب..
أبهة الجنرال الحاكم ما انفكت..
لعبة سُلسال يُلهِى صاحبه باسم عدالة هُبلٍ فينا..
ترى هل يشير الشاعر بهذه العبارات للتغييرات السياسية التي تمت في تلك الفترة، وهل تراه قصد بالقيامة انتفاضة أبريل من العام 1985، وقصد بالدوامة الانتخابات التي تمت في أعقاب الفترة الانتقالية قبل الديمقراطية الثالثة، أما عند الحديث عن الجنرالات فهم كثر، ولا أستطيع أن أتكهن بأنه يقصد أيهم، ولكن للقارئ أن يستنبط من السطور القادمة ما يكمل له الصورة المقصودة في القصيدة، خصوصاً وأنها فى الحقيقة لم تخرج عن مجرى التاريخ، وربما هي أزمة خلت، يعاد إنتاجها مجدداً:
ما طلب ذبائح.. نحن ذبحنا القربان ونصبناه علينا..
في الدائرة السبعين وقرب القاع..
تبدت قطرة دمع..
حملت ألوان الطيف..
وحمى وهج الصيف..
فامتزج الدمع بأنات قرابين النصر المذبوح بأيدينا.....
ويأتي الإثبات على سودانية شاعرنا العميقة، وتمكنه من ناصية اللغة وتطويعه للكلمات، مثل تمكنه من المفردات الممعنة فى المحلية، والمُبرِزة لجزءٍ من ثقافة بعض الشعوب بأرض السودان، خصوصاً ثقافة الزواج والعرس والفرح، حسب التقاليد الأصيلة الضاربة فى القِدم:
وسكبتُ حنين الشوق بعينيها..
أقسمتُ لأغزلَ من خيط الشمس ثياب العُرسِ..
أقسمتُ لأجدل من لهب الأفقِ حريرا..
أقسمتُ أضمخُ من عطرِ الفردوس ضريرا.....
القصيدة بكاملها عبارة عن نيزك كبير ملئ بالكلمات المدهشة، والتى تتفتت عند إرتطامها بالوجدان لتتوزع وتخلق دهشة عظيمة وغير مسبوقة عند متلقيها، وهى خلاف ذلك حافلة بالمعاني وبالأساليب البلاغية العجيبة، كما أنها لم تترك جانباً من علم البديع إلا وطرقته، هذا من الناحية الجمالية لها، أما من الناحية الفكرية فإن هذه القصيدة توغلت فى المفاهيم حتى غيرت في كيميائها، وأربكت المسلمات حتى كستها بالشك، وناطحت حكايا التاريخ والمنقول، حتى أصبحا في عداد اللامعقول. ولم ينس الشاعر ما به من وجع اغتراب لم تستطع اللغة العربية بكل عتادها وثرائها التعبير عنه، فلجأ غير باغٍ للدارجة التى تقف شاهد إثبات ثانٍ على سودانيته المفرطة غير المفرط فيها، فهو يأتي بقولٍ لا يتردد إلا في الحكايات الكلاسيكية للجدة(الحبوبة)السودانية الأصيلة، ولا يتكرر إلا عبر الروايات المصنوعة في الخيال الجمعي لشعوب تكره الاغتراب والتغرب منذ زمان بعيد، رغم ارتباطه في كثير من الأحيان بالرفاهية وسعة العيش ورغده:
يا أم أحمد.. دقي المحلب..
فى توب أحمد..
أحمد غايب فى الركايب..
هذا الأحمد فينا ارتاب..ارتحل وغاب..
امتهن غياب الأمل وعاد.....
وحتى لا أطيل( رغم أنني أوردت القليل جداً من أبيات القصيدة) فإنني أختم بأبيات فيها تعبير شامل لما يحدث في بلدان العالم الثالث من تشققات ثقافية وسياسية واجتماعية، تصنعها أوهام يصدقها الساسة والحكام، ويجبرون الرعية على تصديقها، بمحاولة محو ذاكرة تلك الرعية التى تقف دائماً حجر عثرة أمام التخاريف والإختلاقات والأكاذيب، ولكن تؤكد القصيدة على أن هناك من يصنع هذه الأوهام ذاتها للحكام الذين في حقيقتهم يمثلون جلاليب وعباءات وعمامات فارغة، ليس إلا:
تتشقق هذى الأرض السفلى..
لما يصبح هذا الرب بلا ذاكرة..
والأرباب تحج لرب تترىٍ أبيض..
في ثوب أبيض.. في بيت أبيض..
بلسان أبيض..بكتاب أبيض..
أجمل من ورد بلادي الأبيض..
والنيل الأبْيَضِ..والبحر الأبْيَضِ والأبْيَضِ.. وأُبيَّضُ والبيوضةِ والبيّاضةِ..
والبيضا والدار البيضا..
والبيضُ كثيرٌ فى وطنى.. لا يفقسُ غير دجاجات..
بعباءات وعقالات وعمامات بيضاء..
لم يفقس يوماً ديكاً ذا عرفٍ.. والعرف السائد بات هجينا..
الحرف سجينا..
والحرف شقيق الروح..
فكيف تخون الروح التوأم فيها كيف تخون..

.

هناك 3 تعليقات:

  1. الساكت عن الحق شيطان اخرس - وانت ايها الورّاق ملاك قال كلمة الحق- في حق من لايعرفة- لا لشئ معين وانما لاحقاق الحق -واعادتة إلى اصحابة, فلك منا كل التقدير بكلماتك الرائعة,واسلوبك المقنع, والتى ربما كانت الدافع إلى ظهور هذا الشاعر -المختفى خلف عوالم التحدى- كلمة وصوتا وصورة فى فضات الكون. فلك كل الثناء والتقدير
    منى بابكر السيد

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرحين


    روعة تلك الكلمات التي ينغمس فيها وجداني ليصل لذلك الشعور الذي هام فيه ذلك الشاعر شلتني، اغرقتني بصمت على عيناي ..أيعقل؟؟!
    كلمات لن أجد لتكرارها مثيل.. عندما سمعتها لأول مرة بحثت عن تلك المفردات لأضمها الى تاريخ كتاباتي, فوجدت أنها من المستحيلات، فالأحساس بتلك الكلمات يفوق تلك الحدود التي يمكن أن يرتسم عليها الشخص..
    شاعر أفاضت به غربة الأيام واستسلم للواقع السؤال، دون وجود الاجابه في وترية وقف بينها الهاجس والحرف...
    أحياناً أتأمل غرابة تلك المترادفات ومعاني تلك الكلمات وأسأل نفسي هل وجد لحظة، ليكتب تلك العبارات التي في تناغمها ضياع للذات بين الروعة والابداع، أم أخذ يبحث في قواميس الحرف ليجدها؟؟
    صمتٌ تغلغل في أفكاري وفي روائع تلك السمفونية لمايسترو عندما أمسك بالقلم لينثر روعة ما وشمته الأيام على جبينه، جعل الدهشه، الرغبة، الحيرة، ولحن هذه الكلمات ينسج في دواخلنا معزوفات ليس لها انقطاع، بين الآهة والعبرات، بين الألم والثغرات، بين السعادة وتلك الزمنيات، بين الاستفهام والاستعجاب، وبين الحين والآخر، فاغوص في عمق تلك الحروف وأجد في موازينها نغمٌ وفي ترتيبها لوحة تُعمّق في احساسها فنان توصل الى مرحلة التجريدات، لعالم بينه وبين ذلك الأفق نقطة تتمركز عليها الأحداث.
    هواجس تمرحلت على أوزان وطنٍ غاب وبدأ يذوب في ذاكرة النسيان، هواجس لمعالم بدأت تتوطن على أشكال حملت في جوفها عادات وتقاليد ارتسمت عليها معالم الرحيل، هواجس لدروب تزحزحت في أناملها وقائع بين الماضي والحاضر لازالت تتمحور عليها، هواجس تعملقت في عقولنا وطاردت أفكارنا لتصبح بين طيات السؤال دون اجابة، فأصبح بال الهاجس يوغل بين مسامِ التربة يكتبُ فينا كيف نكون.
    لم أكن في حياتي كاتبة، بل استسلمت لروعة الحرف عندما يمتزج بكلمة في عنفوانها احساس بزمن، تاريخ، لحظة، ميلاد, وكلمة أثارت في النفس شعور لم يستطع سوى القلم أن يسرده في سطور الأوراق، ليتربّع على تلك الخطوط بحبر غارت عليه الأيام ليتجسد في خواطر بسيطة, لكن ما جعل صمت دهشتي هو الروعة في حد ذاتها، عبارة والحرف شقيق الروح فكيف تخون الروح التوأم فينا كيف تخون، هذه العبارة جعلت صمتي أمامها هو التعبير الوحيد الذي يمكن أن يصدره لساني، سبحان الله دائماً ما أعتز في دواخلي بأنني سودانية، دون أعرف لمَ هذا الاعتزاز بوطن أبعد روعة عن تلك الصفات التي توسمت في شلوخٍ، وُشمت على زماننا لتصبح في ثوب غريب لم يكن في الأصل لنا، لكن هذه الوترية جعلتني أدرك بأن وطني فيه من الكلمات ما يعجز التفكير.

    وجدت كلمة "شكراً"، احدى الكلمات التي ذابت خجلاً في حضرتك سيدي الأستاذ عبدالرؤوف السيد فلك العتبى حتى ترضى، أو، حتي أجد مفردات أو كلمات وربما لوحة، لُتعّبر عن سعادتي بتلك الوترية العملاقة.

    آية عبدالحي أحمد
    فنانة تشكيلية

    7 نوفمبر 2011

    ردحذف
  3. لن يضيف لإبداعك شيئا إن قيل عنها معلٌقة ورب الكعبة وأين المعلٌقات من بوح عبد الرؤف..معذرة يا صديقي ...لقد قطعت قول كل خطيب.. عشت ودمت..أتطلٌع إلى سماع جديدك في أزمتنا جميعا

    ردحذف