فاعلية الأغنية السودانية
لو أعيش
أداء / حنان النيل
النص الشعري الغنائي
يتميز النص الشعري عموما بكونه بنية فاعلية لغوية في فضاء تخيلي وذو أثر بارز في بنية الفاعلية الواقعية بمايبثه من فاعلية يجعل بنيات الوعي لدى الفرد في حالة من التنازر أو التآزر ..والنص الشعري الغنائي عادة يتميز بلمس الأوتار الذاتية الحساسة لدى المتلقي مصحوبا بوهج من النغم ودفء في الصوت وتجاوب مع الإيقاع يجعل الوجدان مأخوذا برائعة النغم , والجسد برائعة الإيقاع , والوعي برائعة الذاتية .. والتقاط هذه الأبعاد الثلاثة للإنسان يفسر تألق الأغنية واحتلالها الصدارة في بث الفاعلية إضافة إلى عدة أسباب أخرى لعل أهمها :
اجتماع الأبعاد الثلاثة لهذه الفنون من الإيقاع إلى الموسيقى إلى الصوت وهذه الألوان من الفنون تتسلل من خلالها المفردة لبث الفاعلية أو بدونها لتبديد طاقة لم توظف ولم تع فاعليتها بعد ..
. وميزة النص الشعري في الأغنية أنه خطاب يستهدف توظيف الطاقة وتحويلها إلى فاعلية لدى الجميع من الطفولة وحتى الكهولة ..
وهذا الاتساع للمتلقين لهذا الخطاب نابع من تعدد وامتزاج ألوان الفنون فمن يأخذه الإيقاع , ومن تستهويه الموسيقى والنغم ومن يسري في أوصاله الصوت , ومن يجمع كل ذلك مع المفردة بدلالاتها وإيحاءاتها ..
والمفردة في النص الغنائي تغطي مساحة المتلقي الممتدة عبر الأعمار ودرجات الوعي , ويحتم عليها ذلك استخدام نعومة اللفظ ورقته وسهولته وعذوبته واختياراته من القاموس اللغوي العام الذي يشترك فيه الجميع .. من اللغة اليومية , ولكن شاعريته تكمن في تكثيف الصور الفنية ومخاطبة العاطفة الوجدانية التي تشكل واحة من هجير الحياة وقسوتها ..
وأبلغ هذه النصوص تلك التي تهدف إلى تثوير الأوضاع القائمة أو تقديم رؤى جديدة فكرية أو فنية تغازل بنية وعي غير تلك السائدة المحكومة بالأنا الخارج .. أو إشباع مساحة جمالية في النفس غطت عليها أتربة المعاش واليومي الواقعي ..
وفي هذا العرض سنحاول إبراز فاعلية الأغنية السودانية ودورها ليس على الصعيد المحلي رغم محلية المفردة بل على الصعيد الإنساني بشكل عام ..
أن تتناول الحياة كموضوع ذلك يعني أنها تلمس قضية فلسفية أرقت الجميع عبر الحقب التاريخية , وأن تمس الإنسان كقيمة في هذه الحياة ذلك يعني أنها تستوعب فاعليته فيها .. وكيف يشكل الإنسان في مجتمعه القيمة الإنسانية التي تمنح الحياة معنى , ويكون الإنسان فيها نشطا , فاعلا , مبدعا, حاملا لبنية وعي خلاق يسهم بفاعلية في الارتقاء بالبشرية من صراعاتها الدامية وعنفها الوحشي إلى الإنسانية بكمالها وتألقها السامي , ويأخذ بمجتمعه من قيظ الهاجرة المستعر إلى الواحة .. ومن قرة البرد القاتل إلى الدفء..
وكي يكون الإنسان فاعلا تتصدر رؤيته للآخر قمة الفاعلية في هذه الحياة .. فأنت لا تنظر إلى عينيك بل تنظر بهما إلى الآخر , كما أنك لا تعي ما بداخل الآخر بل تعي ما بداخلك وتسعى إلى إسقاط ذلك على دواخل الآخرين .. فكيف يمكن أن تتجاوز بنية وعي القصور إذا أدركتها .. البنية المغلقة التي يشكل الطمع والجشع والوحشية والعنف والتعصب أقصى مطمحها .. كيف تنطلق من بنية وعي مفتوحة تحب فيها الآخر وتتجاور الأنانية وحب الذات وتجعله يشرب الماء الصفو مثلك وليس الكدر والطين .. فتكون سعادتك في إسعاد الآخر .
تلك مرحلة قل ما يصلها الإنسان وهو يصارع لجج الحياة واحتياجاتها ومتطلباتها واحباطاتها وعداواتها وشقائها وبؤسها .. مرحلة لا يصلها إلا من واجه تحدي هذه الحياة المجتمعية للبشر بنوازعهم ومنازعهم .. والحياة القاسية تسحق البشر وتدفع بهم إلى دائرة القسوة .. الحياة الذئبية تفترسهم وتدفع بهم أن يكونوا ذئابا ..
هذا الصراع المرير بين الإنسان والحياة يجعل الخروج من دائرة ( كل من له بشرة على وجه الأرض) البشرية صعبا وقاسيا ومؤلما وحتى إن أراد الفرد فبمعاناة لا يحتملها إلاّ من وعي بالفاعلية التي تسمو وترتقي وتذلل كل الصعاب , لتسهم بنقلة نوعية للبشرية , وليست بزيادة كمية .. وذلك بالتزامها بالقيم الإنسانية والدفاع عنها .. ذلك هو الإنسان النموذجي الجديد ...
حتى النصّ الديني حاول جاهدا أن يدفع بالبشرية إلى دائرة الإنسانية من خلال الترغيب والترهيب .. ومن خلال تحريضه على حب الآخر ..
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
(لا يؤمن أحدكم إذا بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم )
( المؤمنون إخوة )
(المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ..
ولكن البنية السائدة سابقة للخطاب, لم يستطع النص الديني بما حمل من (واعز خارجي) أن يرسخ هذه البنية المفتوحة , وطبيعة المجتمعات والأفراد وحب الذات واستعباد الآخر اعتمدت الحياة للأقوى مبدأ ..والكل يدعي امتلاك الحقيقة .. والكل يتعصب لأسرته أو قبيلته , لعرقه أو لونه أو دينه أو مذهبه أو حزبه ..
هناك عدة طرق تعمل من خلالها بنية الوعي الخلاق وتبدع عملا وفكرا وعطاء وفنا , شعرا وإبداعا لتخلق من الإنسان إنسانا وتجعله يخرج من دائرة القصور وحب الذات والأنانية بدرجة تمحي من قاموسه مفردات القهر والكره والحقد والبغض وتتلاشى الإحن .. رغم أن الصفات تعرف بالتضاد ..
الفنون هي إحدى دعائم بنية الحب والعطاء الشامل , والشعر الغنائي من أهم تلك الدعائم إذا كان النص قادرا على التجاوز حاملا لمشروع , باثا للفاعلية في الملتقى
وحول فاعلية الأغنية السودانية نستعرض سويا فاعلية النص المفردة وما يحمل من دلالة ..
النص الذي نحن بصدده حمل من المفردات ..
القيمة .. السعادة للآخر .. العطف على اللاجئين.. والحنان داخل الملاجئ .. حمل البهجة للطفولة بما تمثله من امتداد رائع لهذه الحياة .. تناول الكادحين , التعابى والغلابا.. وكيف يمكن أن يوفر البهجة للمناضلين من أجل الحرية , والعلاج للمعتلين والمرضى .. كيف يمكن أن يكون بلسما للجراح وسنابل للفلاح صانع الحياة بل سلاحا للثوار وحقا موفورا عادلا لكل كادح ملوح مظلوم ..
إذا ما تحمل الإنسان تبعات كل ذلك بما فيها من معاناة وشقاء عندها فقط تصبح لحياته معنى وله قيمة .. حاملا لبنية وعي خلاق يعي نفسه كائنا خلاقا فاعلا مهمته في هذه الحياة الحب والإبداع والعطاء الشامل ..
يقول النص :
لو أعيش زول ليه قيمة
أسعد الناس بوجــــودي
زي نضارة غـصن طيب
كل يوم يخضر عـــودي
وأبقى زولاً ليه قــــيمة
* * *
أبقى دار لكل لاجئ
أو حنان جوّ الملاجئ
أبقى للأطفال حكاية
حلوة من ضمن الأحاجي
بيها يتهنوا وينوموا
واحرسهم طول ليلي ساجي
والقى في راحة نفوسهم
بسمتي وطول ابتهاجي
وأبقى زولاً ليه قيمة
* * *
لو أعيش طول عمري نسمه
أو مع الأّيام سحابه
أهطل أدّي الدنيا بسمة
أروي وادي وأسقي غابة
لو أعلّم طفل واعد
لسّه ما عرف الكتابة
وابقى شجرة ظلالها وارفه
تحتي ناس نايمين تعابى
وابقى زولاً ليه قيمة
* * *
أشقى ...
والقى ...
وابقى بهجه ..
في النفوس لكل مناضل
وابقى للمعتل علاجه
وابقى للفلاح سنابل
وابقى للثوار سلاحاً
أعتى من قصف القنابل
وابقى للكادح الملَّوح
كل حق موفور وعادل
وابقى زولاً ليه قيمه
الحقول الدلالية وفضاء النص :
أهم ما يتم حصره في النص من حقول دلالية تنتشر في فضائه فيتمثل في حقلين أحدهما .. الوجود المادي والثاني حقل الفاعلية .. ففي حقل الوجود المادي نحصي (24) مفردة تتحدث عن الحياة والوجود والمكان والزمان وتتمثل في :
أعيش – زول (إنسان) الوجود – الغصن –العود - الدار – الملجأ – العيش – الأيام – السحابة – الهطول الوادي – الغابة – الطفل الواعد – الشجرة الوارفة – أبقى (البقاء والصيرورة) – أشقى (الكدح) – ألقى (ما يجده ويجنيه الإنسان من كدحه) – أبقى (أكون) – المناضل – المعتل – الفلاح – الثوار – الكادح الملوح ..
ويتساوى مع حقل الوجود المادي حقل الفاعلية في هذا الوجود حيث نحصى (24) مفردة تتحدث عن القيمة السعادة والحق تتمثل في :
القيمة – السعادة –النضارة- الاخضرار- اللجوء- الحنان- حكاية الأطفال – الهناء في النوم- حراسة الأطفال – راحة النفوس – البسمة – الابتهاج – النسمة- الأحاجي – (أروي) الري – (أسقي) السقاية – أعلم – الكتابة – نوم التعابى – البهجة في النفوس – العلاج- السنابل – السلاح – الحق الموفور العادل ..
وكما ينتشر حقل الوجود المادي فإن حقل الفاعلية ينتشر كذلك في فضاء النص لبث:
1 ـ الحب والعطاء وإسعاد الناس
2 ـ التوحد مع الطبيعة : بنضارة الغصن واخضرار العود .. بالشجرة الوارفة الظلال من أجل راحةالتعابى ..بالسحابة التي تهطل لتروي الوادي
وتسقي الغابة ... بالنسمة التي تنعش الإنسان وتصدر له البهجة .
3 ـ بتوفير الحاجة : الدار لكل لاجئ .. التعليم لكل طفل واعد
4 ـ بالقيم الإنسانية : الحنان داخل الملاجئ .. الحكاية للأطفال والهناء والنوم والعمل على راحة نفوسهم.. البهجة في نفوس المناضلين .. العلاج للمرضى والمعتلين .. السنابل للفلاح .. السلاح للثوار .. والحق الموفور العادل للكادح الملوح(راقد الريح ) .
والنص بمجمله يتمدد فضاؤه وينتشر في الطبيعة والإنسانية وكيفية التعايش في هذا الوجود متجاوزا بنى وعي القصور ومتجاوزا محدودية الزمان والمكان إلى رحابة الفاعلية الخلاقة المبدعة التي ترسي أسس القيم الإنسانية .
علاقات الفاعلية :
كيفية التعامل مع الآخر تحدد بنية الوعي التي يحتازها الفرد فبنيتنا وعي القصور التناسلية والبرجوازية السائدتان الآن في العالم .. كلتاهما مسكونتان بمحبة الذات وقاصرتان عن تجاوزها إلا في حدود الفردية والأسرية وقد تمتد للقبيلة .. مسكونتان بالتعصب والاعتقاد بامتلاك الحقيقة .. فالفاعلية فيهما قاصرة لا تسمح بتجاوز النطاق البشري إلى رحابة الوعي الإنساني ..
النص يطرح بعدا إنسانيا من خلال بنية وعي خلاق .. بنية وعي مفتوح يحب الآخر ويتعامل معه ويكرس حياته ووجوده لإسعاده حيث تكمن في ذلك قيمة الإنسان تماما كنضارة الغصن الطيب الذي يزداد اخضرارا مع الأيام فيصدر البهجة والسعادة ..
يحتوي النص في حضوره كامل المفردة المرتبطة بالسعادة والمحبة والحنان والهناء وراحة النفوس والابتسام والابتهاج. بالسحابة التي تهطل فتروي الوديان وتسقي الغابات. بالشجرة الوارفة الظلال بالعلاج بالسنابل بالسلاح للثوار بالحق الموفور العادل ..
أما الغياب الذي يتداخل في علاقات الفاعلية فإنه ينعكس في كامل المفردات الضد .. فلا غضب ولا كراهية ولا عنف ولا حقد ولا قهر .. تختفي مثل هذه المفردات تماما ولا تبرز إلا من خلال محوها وإسقاطها بتوالي حقل الفاعلية وعلاقاتها .
فالتعابى :الذين أرقتهم الحياة من خلال ظلم الإنسان لأخيه الإنسان واستغلاله والصراع المميت حول الرزق يحتاجون إلى شجرة وارفة الظلال تقيهم هجير هذه القسوة المتأصلة لدى البشر ..
والمناضل :الذي يجاهد لاسترداد حقه من ظالم حاكم أو مستعمر أبى إلا أن يهيمن ويسيطر ويستحوذ على خيرات أرضه وسلبه حقه في أن يعيش بكرامة في هذه الحياة فلا أقل من تصدير البهجة التي تروح عن نفسه ليواصل نضاله ..
والمعتل :الذي يقاوم المرض نتيجة إهمال الآخر له يحتاج إلى بلسم لجراحه ومسكن لآلامه وعلاج له ..
والفلاح : يحتاج لجني ثمرة كدحه وفلاحته وتعبه الذي غالبا ما يسرق نتيجة الاستغلال .
والثوار :
يحتاجون إلى السلاح الذي يقاومون به الظلم الواقع عليهم من الآخر ..
والكادح :
في هذه الحياة يحتاج لمن ينصفه حقا موفورا وعادلا فقد ضاعت الحقوق واختفت العدالة بين البشر .
واللاجئ :
وراءه ظالم اضطره إلى اللجوء يحتاج لدار .
والملاجئ :
يحتاجها من يتعرض لنيران الآخر وقصفه .
الآخر بقصوره داخل النص بكامله يشكل الغياب والحضور في آن والانا المفتوحة تحتل كامل المفردة في النص .
والطبيعة تسهم في الانتصاف للمظلوم من خلال العلاقة بين الإنسان والطبيعة حيث تمنحه النسمة والسحابة ونضارة الغصن والسنابل والأشجار وارفة الظلال ..
أما العلاقة السائدة بين الإنسان وأخيه الإنسان ففيها الاستعباد والظلم والقسوة والقهر ..
فاللاجئ نتيجة الظلم الذي وجده في دياره
والملاجئ من نير الحروب ووحشيتها
ومعاناة الأطفال بما يقاسونه من الظلم والإهمال .
والتعابى من قسوة الحياة وشظف العيش الناجم عن الاستغلال
والمناضل يواصل نضاله لينتصف لنفسه من جلاديه
والمعتل يحتاج إلى الإشفاق ومن يكون بلسما لجراحه
والثائر على الظلم نتيجة الإحساس به
والكادح الملوح يحتاج إلى الحق الموفور العادل فلا يجد من ينتصف له .
ولكي يحقق النص كل ذلك فإنه يربط بين كدحه وشقائه وما يجده من خلال بذله وكيف يريد أن يوظف ما كسبه ..
أشقى
وألقى
وأبقى .. بهجة في النفوس
فليس بالأماني فقط بل من خلال عمل دؤوب ومغالبة لصعاب الحياة وإجهاد النفس .. فالعمل يجعله يكتسب مالا والمال يستطيع به أن يعين به الآخر يوظفه علاجا وسنابل وسلاحا وحقا وبهجة للآخر ..
كل ذلك خروجا من التيه الذي تعيش فيه مجتمعاتنا والفراغ الذي يمزق شبابنا دون استغلاله والفاعلية التي لم يعوها بعد .. ولم يصلوا إليها ..
بمجاهدة النفس بالبذل والعطاء للآخر دون مقابل , بمحبته وإسعاده , بمساعدته لتوفير حاجته , بالانتصاف له .. تلك هي الفاعلية التي يبثها النص من خلال فضائه العامر بالمحبة ومفرداته الذاخرة بالحنان ودلالاته الممتلئة بالحيوية والفاعلية وإيحاءاته التي تمحو المفردات الضد والعائق لفاعلية بنية الوعي الخلاق .. من أجل خلق الإنسان النموذجي الجديد ..
بقى لنا أن نشير في هذه القراءة لهذا النص وإبراز فاعليته إلى أن الفاعلية تأتي من كون الإنسان فاعلا ..
وبين الفعل الناقص والمغلق والقاصر والفعل الخلاق المفتوح بون شاسع .. والفعل في هذا النص (كعلامة) يحتل مساحة كبيرة وعددا وافرا من الإشارات يتمثل في ثلاثة وعشرين فعلا (23) ..
ولتحقيق هذا الفعل احتلت (لو) الشرطية والواردة (3) مرات مساحة لمجاهدة النفس والعمل على انتزاعها من بنية وعي القصور السائدة . فتجسدت (3) خطابات أساسية فاعلة .
الخطاب الأول المصدر ب(لو) تعامل مع الإنسان كقيمة :
بإسعاد الناس بوجوده
ليصبح دارا لكل لاجئ
وحنانا داخل الملاجئ
وحكاية حلوة للأطفال
حراسة لهم
وهناء لهم حتى في نومهم .
الخطاب الثاني تعامل مع الطبيعة ومزج بين عطائه وعطائها مصدرا ذلك (بلو)
ليصبح نسمة أو سحابة أو بسمة أو رواء للوديان وللغابات وتعليما للأطفال وشجرة ظليلة تحمي الآخرين من الهجير
الخطاب الثالث تجرد من لو .. ودخل مرحلة العطاء وتلبية حاجات الآخر من خلال توظيفه لجهده وتعبه وشقائه وما يجنيه ماديا ليصبح ..
بهجة في النفوس لكل المناضلين
وعلاجا لكل المعتلين
وسلاحا لكل الثوار على الظلم
وحقا موفورا وعادلا لكل كادح مظلوم (ملوح)
ليس له من يسنده أو ينتصف له ..
تلك قراءة عاجلة لفاعلية الأغنية السودانية التي تتجاوز :
الحب الذاتي إلى المحبة الشاملة.
والحب المشروط إلى المحبة غير المحدودة .
وحب الشهوة القاصر إلى الحب الإنساني الشامل .
وحب الذات إلى محبة الآخر .
يتغنى النص بهذه الفاعلية للخروج من دائرة (كل من له بشرة على وجه الأرض) البشرية إلى الدخول في دائرة أرحب وهي الإنسانية بقيمها السامية وبوعيها المبدع الخلاق ..
.
وهذا الاتساع للمتلقين لهذا الخطاب نابع من تعدد وامتزاج ألوان الفنون فمن يأخذه الإيقاع , ومن تستهويه الموسيقى والنغم ومن يسري في أوصاله الصوت , ومن يجمع كل ذلك مع المفردة بدلالاتها وإيحاءاتها ..
والمفردة في النص الغنائي تغطي مساحة المتلقي الممتدة عبر الأعمار ودرجات الوعي , ويحتم عليها ذلك استخدام نعومة اللفظ ورقته وسهولته وعذوبته واختياراته من القاموس اللغوي العام الذي يشترك فيه الجميع .. من اللغة اليومية , ولكن شاعريته تكمن في تكثيف الصور الفنية ومخاطبة العاطفة الوجدانية التي تشكل واحة من هجير الحياة وقسوتها ..
وأبلغ هذه النصوص تلك التي تهدف إلى تثوير الأوضاع القائمة أو تقديم رؤى جديدة فكرية أو فنية تغازل بنية وعي غير تلك السائدة المحكومة بالأنا الخارج .. أو إشباع مساحة جمالية في النفس غطت عليها أتربة المعاش واليومي الواقعي ..
وفي هذا العرض سنحاول إبراز فاعلية الأغنية السودانية ودورها ليس على الصعيد المحلي رغم محلية المفردة بل على الصعيد الإنساني بشكل عام ..
أن تتناول الحياة كموضوع ذلك يعني أنها تلمس قضية فلسفية أرقت الجميع عبر الحقب التاريخية , وأن تمس الإنسان كقيمة في هذه الحياة ذلك يعني أنها تستوعب فاعليته فيها .. وكيف يشكل الإنسان في مجتمعه القيمة الإنسانية التي تمنح الحياة معنى , ويكون الإنسان فيها نشطا , فاعلا , مبدعا, حاملا لبنية وعي خلاق يسهم بفاعلية في الارتقاء بالبشرية من صراعاتها الدامية وعنفها الوحشي إلى الإنسانية بكمالها وتألقها السامي , ويأخذ بمجتمعه من قيظ الهاجرة المستعر إلى الواحة .. ومن قرة البرد القاتل إلى الدفء..
وكي يكون الإنسان فاعلا تتصدر رؤيته للآخر قمة الفاعلية في هذه الحياة .. فأنت لا تنظر إلى عينيك بل تنظر بهما إلى الآخر , كما أنك لا تعي ما بداخل الآخر بل تعي ما بداخلك وتسعى إلى إسقاط ذلك على دواخل الآخرين .. فكيف يمكن أن تتجاوز بنية وعي القصور إذا أدركتها .. البنية المغلقة التي يشكل الطمع والجشع والوحشية والعنف والتعصب أقصى مطمحها .. كيف تنطلق من بنية وعي مفتوحة تحب فيها الآخر وتتجاور الأنانية وحب الذات وتجعله يشرب الماء الصفو مثلك وليس الكدر والطين .. فتكون سعادتك في إسعاد الآخر .
تلك مرحلة قل ما يصلها الإنسان وهو يصارع لجج الحياة واحتياجاتها ومتطلباتها واحباطاتها وعداواتها وشقائها وبؤسها .. مرحلة لا يصلها إلا من واجه تحدي هذه الحياة المجتمعية للبشر بنوازعهم ومنازعهم .. والحياة القاسية تسحق البشر وتدفع بهم إلى دائرة القسوة .. الحياة الذئبية تفترسهم وتدفع بهم أن يكونوا ذئابا ..
هذا الصراع المرير بين الإنسان والحياة يجعل الخروج من دائرة ( كل من له بشرة على وجه الأرض) البشرية صعبا وقاسيا ومؤلما وحتى إن أراد الفرد فبمعاناة لا يحتملها إلاّ من وعي بالفاعلية التي تسمو وترتقي وتذلل كل الصعاب , لتسهم بنقلة نوعية للبشرية , وليست بزيادة كمية .. وذلك بالتزامها بالقيم الإنسانية والدفاع عنها .. ذلك هو الإنسان النموذجي الجديد ...
حتى النصّ الديني حاول جاهدا أن يدفع بالبشرية إلى دائرة الإنسانية من خلال الترغيب والترهيب .. ومن خلال تحريضه على حب الآخر ..
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
(لا يؤمن أحدكم إذا بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم )
( المؤمنون إخوة )
(المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ..
ولكن البنية السائدة سابقة للخطاب, لم يستطع النص الديني بما حمل من (واعز خارجي) أن يرسخ هذه البنية المفتوحة , وطبيعة المجتمعات والأفراد وحب الذات واستعباد الآخر اعتمدت الحياة للأقوى مبدأ ..والكل يدعي امتلاك الحقيقة .. والكل يتعصب لأسرته أو قبيلته , لعرقه أو لونه أو دينه أو مذهبه أو حزبه ..
هناك عدة طرق تعمل من خلالها بنية الوعي الخلاق وتبدع عملا وفكرا وعطاء وفنا , شعرا وإبداعا لتخلق من الإنسان إنسانا وتجعله يخرج من دائرة القصور وحب الذات والأنانية بدرجة تمحي من قاموسه مفردات القهر والكره والحقد والبغض وتتلاشى الإحن .. رغم أن الصفات تعرف بالتضاد ..
الفنون هي إحدى دعائم بنية الحب والعطاء الشامل , والشعر الغنائي من أهم تلك الدعائم إذا كان النص قادرا على التجاوز حاملا لمشروع , باثا للفاعلية في الملتقى
وحول فاعلية الأغنية السودانية نستعرض سويا فاعلية النص المفردة وما يحمل من دلالة ..
النص الذي نحن بصدده حمل من المفردات ..
القيمة .. السعادة للآخر .. العطف على اللاجئين.. والحنان داخل الملاجئ .. حمل البهجة للطفولة بما تمثله من امتداد رائع لهذه الحياة .. تناول الكادحين , التعابى والغلابا.. وكيف يمكن أن يوفر البهجة للمناضلين من أجل الحرية , والعلاج للمعتلين والمرضى .. كيف يمكن أن يكون بلسما للجراح وسنابل للفلاح صانع الحياة بل سلاحا للثوار وحقا موفورا عادلا لكل كادح ملوح مظلوم ..
إذا ما تحمل الإنسان تبعات كل ذلك بما فيها من معاناة وشقاء عندها فقط تصبح لحياته معنى وله قيمة .. حاملا لبنية وعي خلاق يعي نفسه كائنا خلاقا فاعلا مهمته في هذه الحياة الحب والإبداع والعطاء الشامل ..
يقول النص :
لو أعيش زول ليه قيمة
أسعد الناس بوجــــودي
زي نضارة غـصن طيب
كل يوم يخضر عـــودي
وأبقى زولاً ليه قــــيمة
* * *
أبقى دار لكل لاجئ
أو حنان جوّ الملاجئ
أبقى للأطفال حكاية
حلوة من ضمن الأحاجي
بيها يتهنوا وينوموا
واحرسهم طول ليلي ساجي
والقى في راحة نفوسهم
بسمتي وطول ابتهاجي
وأبقى زولاً ليه قيمة
* * *
لو أعيش طول عمري نسمه
أو مع الأّيام سحابه
أهطل أدّي الدنيا بسمة
أروي وادي وأسقي غابة
لو أعلّم طفل واعد
لسّه ما عرف الكتابة
وابقى شجرة ظلالها وارفه
تحتي ناس نايمين تعابى
وابقى زولاً ليه قيمة
* * *
أشقى ...
والقى ...
وابقى بهجه ..
في النفوس لكل مناضل
وابقى للمعتل علاجه
وابقى للفلاح سنابل
وابقى للثوار سلاحاً
أعتى من قصف القنابل
وابقى للكادح الملَّوح
كل حق موفور وعادل
وابقى زولاً ليه قيمه
الحقول الدلالية وفضاء النص :
أهم ما يتم حصره في النص من حقول دلالية تنتشر في فضائه فيتمثل في حقلين أحدهما .. الوجود المادي والثاني حقل الفاعلية .. ففي حقل الوجود المادي نحصي (24) مفردة تتحدث عن الحياة والوجود والمكان والزمان وتتمثل في :
أعيش – زول (إنسان) الوجود – الغصن –العود - الدار – الملجأ – العيش – الأيام – السحابة – الهطول الوادي – الغابة – الطفل الواعد – الشجرة الوارفة – أبقى (البقاء والصيرورة) – أشقى (الكدح) – ألقى (ما يجده ويجنيه الإنسان من كدحه) – أبقى (أكون) – المناضل – المعتل – الفلاح – الثوار – الكادح الملوح ..
ويتساوى مع حقل الوجود المادي حقل الفاعلية في هذا الوجود حيث نحصى (24) مفردة تتحدث عن القيمة السعادة والحق تتمثل في :
القيمة – السعادة –النضارة- الاخضرار- اللجوء- الحنان- حكاية الأطفال – الهناء في النوم- حراسة الأطفال – راحة النفوس – البسمة – الابتهاج – النسمة- الأحاجي – (أروي) الري – (أسقي) السقاية – أعلم – الكتابة – نوم التعابى – البهجة في النفوس – العلاج- السنابل – السلاح – الحق الموفور العادل ..
وكما ينتشر حقل الوجود المادي فإن حقل الفاعلية ينتشر كذلك في فضاء النص لبث:
1 ـ الحب والعطاء وإسعاد الناس
2 ـ التوحد مع الطبيعة : بنضارة الغصن واخضرار العود .. بالشجرة الوارفة الظلال من أجل راحةالتعابى ..بالسحابة التي تهطل لتروي الوادي
وتسقي الغابة ... بالنسمة التي تنعش الإنسان وتصدر له البهجة .
3 ـ بتوفير الحاجة : الدار لكل لاجئ .. التعليم لكل طفل واعد
4 ـ بالقيم الإنسانية : الحنان داخل الملاجئ .. الحكاية للأطفال والهناء والنوم والعمل على راحة نفوسهم.. البهجة في نفوس المناضلين .. العلاج للمرضى والمعتلين .. السنابل للفلاح .. السلاح للثوار .. والحق الموفور العادل للكادح الملوح(راقد الريح ) .
والنص بمجمله يتمدد فضاؤه وينتشر في الطبيعة والإنسانية وكيفية التعايش في هذا الوجود متجاوزا بنى وعي القصور ومتجاوزا محدودية الزمان والمكان إلى رحابة الفاعلية الخلاقة المبدعة التي ترسي أسس القيم الإنسانية .
علاقات الفاعلية :
كيفية التعامل مع الآخر تحدد بنية الوعي التي يحتازها الفرد فبنيتنا وعي القصور التناسلية والبرجوازية السائدتان الآن في العالم .. كلتاهما مسكونتان بمحبة الذات وقاصرتان عن تجاوزها إلا في حدود الفردية والأسرية وقد تمتد للقبيلة .. مسكونتان بالتعصب والاعتقاد بامتلاك الحقيقة .. فالفاعلية فيهما قاصرة لا تسمح بتجاوز النطاق البشري إلى رحابة الوعي الإنساني ..
النص يطرح بعدا إنسانيا من خلال بنية وعي خلاق .. بنية وعي مفتوح يحب الآخر ويتعامل معه ويكرس حياته ووجوده لإسعاده حيث تكمن في ذلك قيمة الإنسان تماما كنضارة الغصن الطيب الذي يزداد اخضرارا مع الأيام فيصدر البهجة والسعادة ..
يحتوي النص في حضوره كامل المفردة المرتبطة بالسعادة والمحبة والحنان والهناء وراحة النفوس والابتسام والابتهاج. بالسحابة التي تهطل فتروي الوديان وتسقي الغابات. بالشجرة الوارفة الظلال بالعلاج بالسنابل بالسلاح للثوار بالحق الموفور العادل ..
أما الغياب الذي يتداخل في علاقات الفاعلية فإنه ينعكس في كامل المفردات الضد .. فلا غضب ولا كراهية ولا عنف ولا حقد ولا قهر .. تختفي مثل هذه المفردات تماما ولا تبرز إلا من خلال محوها وإسقاطها بتوالي حقل الفاعلية وعلاقاتها .
فالتعابى :الذين أرقتهم الحياة من خلال ظلم الإنسان لأخيه الإنسان واستغلاله والصراع المميت حول الرزق يحتاجون إلى شجرة وارفة الظلال تقيهم هجير هذه القسوة المتأصلة لدى البشر ..
والمناضل :الذي يجاهد لاسترداد حقه من ظالم حاكم أو مستعمر أبى إلا أن يهيمن ويسيطر ويستحوذ على خيرات أرضه وسلبه حقه في أن يعيش بكرامة في هذه الحياة فلا أقل من تصدير البهجة التي تروح عن نفسه ليواصل نضاله ..
والمعتل :الذي يقاوم المرض نتيجة إهمال الآخر له يحتاج إلى بلسم لجراحه ومسكن لآلامه وعلاج له ..
والفلاح : يحتاج لجني ثمرة كدحه وفلاحته وتعبه الذي غالبا ما يسرق نتيجة الاستغلال .
والثوار :
يحتاجون إلى السلاح الذي يقاومون به الظلم الواقع عليهم من الآخر ..
والكادح :
في هذه الحياة يحتاج لمن ينصفه حقا موفورا وعادلا فقد ضاعت الحقوق واختفت العدالة بين البشر .
واللاجئ :
وراءه ظالم اضطره إلى اللجوء يحتاج لدار .
والملاجئ :
يحتاجها من يتعرض لنيران الآخر وقصفه .
الآخر بقصوره داخل النص بكامله يشكل الغياب والحضور في آن والانا المفتوحة تحتل كامل المفردة في النص .
والطبيعة تسهم في الانتصاف للمظلوم من خلال العلاقة بين الإنسان والطبيعة حيث تمنحه النسمة والسحابة ونضارة الغصن والسنابل والأشجار وارفة الظلال ..
أما العلاقة السائدة بين الإنسان وأخيه الإنسان ففيها الاستعباد والظلم والقسوة والقهر ..
فاللاجئ نتيجة الظلم الذي وجده في دياره
والملاجئ من نير الحروب ووحشيتها
ومعاناة الأطفال بما يقاسونه من الظلم والإهمال .
والتعابى من قسوة الحياة وشظف العيش الناجم عن الاستغلال
والمناضل يواصل نضاله لينتصف لنفسه من جلاديه
والمعتل يحتاج إلى الإشفاق ومن يكون بلسما لجراحه
والثائر على الظلم نتيجة الإحساس به
والكادح الملوح يحتاج إلى الحق الموفور العادل فلا يجد من ينتصف له .
ولكي يحقق النص كل ذلك فإنه يربط بين كدحه وشقائه وما يجده من خلال بذله وكيف يريد أن يوظف ما كسبه ..
أشقى
وألقى
وأبقى .. بهجة في النفوس
فليس بالأماني فقط بل من خلال عمل دؤوب ومغالبة لصعاب الحياة وإجهاد النفس .. فالعمل يجعله يكتسب مالا والمال يستطيع به أن يعين به الآخر يوظفه علاجا وسنابل وسلاحا وحقا وبهجة للآخر ..
كل ذلك خروجا من التيه الذي تعيش فيه مجتمعاتنا والفراغ الذي يمزق شبابنا دون استغلاله والفاعلية التي لم يعوها بعد .. ولم يصلوا إليها ..
بمجاهدة النفس بالبذل والعطاء للآخر دون مقابل , بمحبته وإسعاده , بمساعدته لتوفير حاجته , بالانتصاف له .. تلك هي الفاعلية التي يبثها النص من خلال فضائه العامر بالمحبة ومفرداته الذاخرة بالحنان ودلالاته الممتلئة بالحيوية والفاعلية وإيحاءاته التي تمحو المفردات الضد والعائق لفاعلية بنية الوعي الخلاق .. من أجل خلق الإنسان النموذجي الجديد ..
بقى لنا أن نشير في هذه القراءة لهذا النص وإبراز فاعليته إلى أن الفاعلية تأتي من كون الإنسان فاعلا ..
وبين الفعل الناقص والمغلق والقاصر والفعل الخلاق المفتوح بون شاسع .. والفعل في هذا النص (كعلامة) يحتل مساحة كبيرة وعددا وافرا من الإشارات يتمثل في ثلاثة وعشرين فعلا (23) ..
ولتحقيق هذا الفعل احتلت (لو) الشرطية والواردة (3) مرات مساحة لمجاهدة النفس والعمل على انتزاعها من بنية وعي القصور السائدة . فتجسدت (3) خطابات أساسية فاعلة .
الخطاب الأول المصدر ب(لو) تعامل مع الإنسان كقيمة :
بإسعاد الناس بوجوده
ليصبح دارا لكل لاجئ
وحنانا داخل الملاجئ
وحكاية حلوة للأطفال
حراسة لهم
وهناء لهم حتى في نومهم .
الخطاب الثاني تعامل مع الطبيعة ومزج بين عطائه وعطائها مصدرا ذلك (بلو)
ليصبح نسمة أو سحابة أو بسمة أو رواء للوديان وللغابات وتعليما للأطفال وشجرة ظليلة تحمي الآخرين من الهجير
الخطاب الثالث تجرد من لو .. ودخل مرحلة العطاء وتلبية حاجات الآخر من خلال توظيفه لجهده وتعبه وشقائه وما يجنيه ماديا ليصبح ..
بهجة في النفوس لكل المناضلين
وعلاجا لكل المعتلين
وسلاحا لكل الثوار على الظلم
وحقا موفورا وعادلا لكل كادح مظلوم (ملوح)
ليس له من يسنده أو ينتصف له ..
تلك قراءة عاجلة لفاعلية الأغنية السودانية التي تتجاوز :
الحب الذاتي إلى المحبة الشاملة.
والحب المشروط إلى المحبة غير المحدودة .
وحب الشهوة القاصر إلى الحب الإنساني الشامل .
وحب الذات إلى محبة الآخر .
يتغنى النص بهذه الفاعلية للخروج من دائرة (كل من له بشرة على وجه الأرض) البشرية إلى الدخول في دائرة أرحب وهي الإنسانية بقيمها السامية وبوعيها المبدع الخلاق ..
.
نردد الاغانى, كما نردد الاحاجى, ونردد الامثال, ولكن نمر عليها مرور الكرام, فالنستقى منك التامل فى المفردات وفهم ما وراء اللفظ فمنك نتعلم كل يوم معنى آخر للكلمات.
ردحذفأم محمد