أفريقيا بحروف أبنائها (2)
عبدالرؤوف بابكر السيّد
* يظل الشعر العربي متابعا لنضالات الجماهير الأفريقيّة مصوّرا لأبطالها مجسدا في لوحات إبداعيّة هذه الرموز النضاليّة بعشق ووجد وحب ، ينمّ عن تواصل روحيّ وفكري وثوري بين أبناء القارّة الأم.
* لقد برزت رموز نضاليّة في النصف الثاني من القرن العشرين قادت الكفاح الأفريقي ببطولة احتلت بها مكانة الأبطال بعد أن عجلت برحيل المستعمر ، ومن هذه الرموز الشامخة:
* باتريس لوممبا : وهو من مواليد الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) 1925 ، عرف بعدائه الشديد للاستعمار البلجيكي لبلاده التي استطاعت الحصول على استقلالها في عام 1960 ، واجه مصاعب كبيرة بعيد الاستقلال حين أعلن " تشومبي" انفصال إقليم (كاتنغا) عن الوحدة الوطنية . أعدم في 1 يناير 1961 بعد نجاح " موبوتو" في انقلاب عسكري عليه .
. كوامي نكروما : وهو من مواليد 1910 مناضل أفريقي بارز ، طالب باستقلال بلاده (غانا) عن الاستعمار البريطاني ، والذي نالته فعلا في عام 1961 . برز (نكروما) باعتباره أحد أهم القادة الأفريقيين الداعين إلى الوحدة الأفريقية وتأمين الثروات الأفريقية ، أطيح بحكمه في انقلاب عسكري عام 1966 وتوفي في أبريل 1972 .
* نلسون مانديلا : المناضل والزعيم السياسي الأفريقي . ولد في 18 يونيو عام 1918 في أمتاتا من أعمال ترانسكاي بجنوب أفريقيا ، في 1964 حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة قيادة التنظيم الأفريقي المعادي لنظام (بريتوريا) العنصري ، تحوّل بعدها مانديلا إلى بطل شعبي وانتخب رئيسا للمجلس الوطني الأفريقي ، أطلق سراحه في 11 فبراير 1995 بعد أن أمضى سبعة وعشرين عاما في سجون جنوب أفريقيا ، وتولّى رئاسة جمهورية جنوب أفريقيا مباشرة بعد إلغاء نظام التمييز العنصري . منح جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان حاملة أبعادا سياسية ونضالية وأدبية عظيمة، اعترافا بما واجهه هذا المناضل الأفريقي من ظلم وقهر وتعذيب من أجل كفاحه ضد النظام العنصري في بريتوريا .
* هذا هو الشاعر محمد الفيتوري يطلب من (لوممبا) أن يقوم بما كان يقوم به في حياته من دور نضالي في أفريقيا ، ساحبا بذلك صفة الموت عنه ، مثبتا في اللحظة ذاتها صفاته الأسطوريّة التي لا تقبل موت الأبطال :
اصبغ أعلام الثورة ، يا سيف بلادي
انشر أعلام الحرّية ، فوق بلادي
كن شمسا ، فقد ماتت هاتيك الشمس
ما عادت تسطع ملء عيون المضطهدين.
* وفي تصوير ملامح لوممبا الذي يظهر إزاءها أقرب إلى البطل الصوفي القادر علي فعل المستحيل يرسم محمد الفيتوري اللوحة بقوله :
البطل الأسود ذو القدمين العاريتين
الراكضتين على نهر الكونغو
كانت تركض خلفهما أشجار الغابات
كانت تتهدّج لهما أنفاس الظلمات
كانت أمواج الكونغو توغل في الركض .
* ومن التصوير القائم على تقنية (التصوير الأسطوري) في رسم ملامح النضال الأفريقي يبرز (نكروما) البطل الأفريقي يقدمه الشاعر بفخر ويصوّره باعتداد :
أشواق سجين عاش
وثأر سجين مات
أجساد ضحايا مصلوبين على الطرقات
أحشاء حبلى تتلوّى تحت الطعنات
أصوات حياة لا تعرف موت الكلمات
فيها من ثورة أفريقيا ،
شعب زنجي القسمات
نفض الظلمة عن عينيه
وتوهّج ملء الظلمات
فإذا الشمس تدور
وتلد الشمس
وتلد الحرّيات
وإذا وجهك يا نكروما
يشرق في نور الثورات .
نكروما ، يا صورة غانا
والكونغو الحر الموجات
وجهك يوقظ في الماضي
يوقظ في الإحساسات
يحمل لي رائحة بلادي
عبر ملايين الغابات .
* وإلى نلسون مانديلا الرمز الأفريقي الكبير يقول محمد الفيتوري :
ساكن أبدا في طقوسك
مثل إله قديم
يرصّعه ذهب الشمس
يا أبنوس الخريف الجنوبي
كيف يكون جلال الشهادة
إن لم تكن أنت
تولد في الموت
تكبر في الموت
تطلع حقل نجوم على حائط الموت
تصبح أوسمة من بروق
وعاصفة من غناء
وغابا عظيما من الرقص
أذهلتني في نضالك
تدمغ نضال من دمغوك
وتسجن في العصر من سجنوك
وأنت سجين هناك .
مانديلا
أيها البطل الشيخ
مغتسلا بمياه الثمانين
مختبئا في تجليك
أنهكني سفري فيك
أعرف أنك ضوء على زمني
هكذا أنت
فامكث كما أنت
كن هكذا خالدا في معانيك
متكئا فوق مجد الثمانين
وابق مكانك
ابق مكانك
ابق مكانك .
* أما شاعرنا جيلي عبد الرحمن فقد خصّ بأغنياته الخمس بطل الكونغو باتريس لوممبا الذي كان رمزا موحيا للكثير من الشعراء، وقلّ أن نجد شاعرا في فترة الستينيات كتب شعرا وطنيّا أفريقيا ولم يذكره أو يستوحي من قصته الوطنيّة المأساوية التي انتهت بإعدامه يقول فيها :
يا عيون الطير يا أرض الزنوج
كلّ شيء يتلوّن
كلّ روح تتكوّن
لحظة الميلاد ما أروع أن نشقى ونحزن
شعبي المغروس في الكونغو المغضّن
* وعندما اعتقل لوممبا :
أجهش المذياع لوممبا أسير
فمشى الحزن على حاراتنا قلبا فقلبا
والجحيم المرّ في الأوصال شبا
يوم ساقوك إلى السجن مهيبا كالجبال
تنثر الزهو على الصخر وأحزان الظلال
دونها ألف قصيده
وشهيد وشهيده
صاحبي أغمض عينيه وأرغى وبصق
قال ما أقسى الليالي
ذاك شعر فوق طاقات الورق.
* وعندما اغتيل لوممبا انقلب الصمت والوجوم إلى ثورة عارمة :
أجنحة الصمت المنهار
رفعت سوداء على الدار
طارت عبر الأسوار
خرّ العود الفارع
انزلق الدمّ على الشارع
أزّ الدم هتافات، رايات
تحملها أيدي الثوّار
فاحت من دمك الأسود كلّ جروحي
كلّ عذابي .. نبض شبابي المذبوح
فاحت يا روحي من دمك الغالي
غضبة شعبي الجبّار .
* أما الرمز الأفريقي الآخر غير لوممبا الذي تغنى به (جيلي) فقد كان جومو كنياتا زعيم كينيا الأشهر،وقد ظلت أيضا قصة نضال الماوماو تتردد على ألسنة الشعراء ومخيلتهم . وعندما مات اختفى المثال ولم يختف النضال من أجل مستقبل أفريقيا :
ظل الحزن يدقّ الليلة حتى الفجر
مدّ النظرة مثل المحموم
فالتمع الخنجر فوق اليد
مثل الدمع الأسود مثل الحقد .
* وهذا هو شاعرنا صلاح أحمد إبراهيم في قصيدة (شنق امبادوا) وامبادوا واحد من الذين نكل بهم المستعمرون في كينيا، وكانوا ضمن حركة الماوماو ، يقول في (غابة الأبنوس) :
وفي الفجر جرّوك لساحة السوق
يدفعك السجان
بالساعد الموثوق
وجمعت آلاف ، من شعبك المرهوق
كالنمل ، كالديدان ، كالفلفل المحروق
واسمعوا التقرير
من لجنة التحقيق
سطوره استهتار
وعدله تلفيق
وإذ علا التصفيق
تقدّم الجزّار
في لحظة التطبيق
فأحكم الأمراس
في عنقك المعروق
* كما يسجل صلاح أحمد إبراهيم في (غضبة الهبباي) وصمة العار في جبين هذا العصر حيث يذبح الإنسان كما تذبح خرفان الأضاحي في عصر الإنجاز العلمي والصناعي :
عصرنا المعجز بالعلم وبالفنّ وقدرات الصناعه
عصر إنسانيّة الإنسان، عصر المدنيه
يذبح الإنسان في أفريقيا
أعزلا في الليل
كما تذبح خرفان الضحيّة
* وفي قصيدته (أفريقيا وزنوج أمريكا) يقول عبد العال سليمان :
إن يكن موتلي ونكروما وجورج
وتكن لوسي وكنياتا زنوج
أو رفاقي بين أحراش المروج
كلنا حرّ له أصل عريق
***
كم على الغاب رأينا أرضنا
كم هجرناها وخنّاها فصانت عهدنا
أرضنا العذراء تحمي شملنا
كل أفريقي .. سيأتي في الطريق .
.
* نلسون مانديلا : المناضل والزعيم السياسي الأفريقي . ولد في 18 يونيو عام 1918 في أمتاتا من أعمال ترانسكاي بجنوب أفريقيا ، في 1964 حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة قيادة التنظيم الأفريقي المعادي لنظام (بريتوريا) العنصري ، تحوّل بعدها مانديلا إلى بطل شعبي وانتخب رئيسا للمجلس الوطني الأفريقي ، أطلق سراحه في 11 فبراير 1995 بعد أن أمضى سبعة وعشرين عاما في سجون جنوب أفريقيا ، وتولّى رئاسة جمهورية جنوب أفريقيا مباشرة بعد إلغاء نظام التمييز العنصري . منح جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان حاملة أبعادا سياسية ونضالية وأدبية عظيمة، اعترافا بما واجهه هذا المناضل الأفريقي من ظلم وقهر وتعذيب من أجل كفاحه ضد النظام العنصري في بريتوريا .
* هذا هو الشاعر محمد الفيتوري يطلب من (لوممبا) أن يقوم بما كان يقوم به في حياته من دور نضالي في أفريقيا ، ساحبا بذلك صفة الموت عنه ، مثبتا في اللحظة ذاتها صفاته الأسطوريّة التي لا تقبل موت الأبطال :
اصبغ أعلام الثورة ، يا سيف بلادي
انشر أعلام الحرّية ، فوق بلادي
كن شمسا ، فقد ماتت هاتيك الشمس
ما عادت تسطع ملء عيون المضطهدين.
* وفي تصوير ملامح لوممبا الذي يظهر إزاءها أقرب إلى البطل الصوفي القادر علي فعل المستحيل يرسم محمد الفيتوري اللوحة بقوله :
البطل الأسود ذو القدمين العاريتين
الراكضتين على نهر الكونغو
كانت تركض خلفهما أشجار الغابات
كانت تتهدّج لهما أنفاس الظلمات
كانت أمواج الكونغو توغل في الركض .
* ومن التصوير القائم على تقنية (التصوير الأسطوري) في رسم ملامح النضال الأفريقي يبرز (نكروما) البطل الأفريقي يقدمه الشاعر بفخر ويصوّره باعتداد :
أشواق سجين عاش
وثأر سجين مات
أجساد ضحايا مصلوبين على الطرقات
أحشاء حبلى تتلوّى تحت الطعنات
أصوات حياة لا تعرف موت الكلمات
فيها من ثورة أفريقيا ،
شعب زنجي القسمات
نفض الظلمة عن عينيه
وتوهّج ملء الظلمات
فإذا الشمس تدور
وتلد الشمس
وتلد الحرّيات
وإذا وجهك يا نكروما
يشرق في نور الثورات .
نكروما ، يا صورة غانا
والكونغو الحر الموجات
وجهك يوقظ في الماضي
يوقظ في الإحساسات
يحمل لي رائحة بلادي
عبر ملايين الغابات .
* وإلى نلسون مانديلا الرمز الأفريقي الكبير يقول محمد الفيتوري :
ساكن أبدا في طقوسك
مثل إله قديم
يرصّعه ذهب الشمس
يا أبنوس الخريف الجنوبي
كيف يكون جلال الشهادة
إن لم تكن أنت
تولد في الموت
تكبر في الموت
تطلع حقل نجوم على حائط الموت
تصبح أوسمة من بروق
وعاصفة من غناء
وغابا عظيما من الرقص
أذهلتني في نضالك
تدمغ نضال من دمغوك
وتسجن في العصر من سجنوك
وأنت سجين هناك .
مانديلا
أيها البطل الشيخ
مغتسلا بمياه الثمانين
مختبئا في تجليك
أنهكني سفري فيك
أعرف أنك ضوء على زمني
هكذا أنت
فامكث كما أنت
كن هكذا خالدا في معانيك
متكئا فوق مجد الثمانين
وابق مكانك
ابق مكانك
ابق مكانك .
* أما شاعرنا جيلي عبد الرحمن فقد خصّ بأغنياته الخمس بطل الكونغو باتريس لوممبا الذي كان رمزا موحيا للكثير من الشعراء، وقلّ أن نجد شاعرا في فترة الستينيات كتب شعرا وطنيّا أفريقيا ولم يذكره أو يستوحي من قصته الوطنيّة المأساوية التي انتهت بإعدامه يقول فيها :
يا عيون الطير يا أرض الزنوج
كلّ شيء يتلوّن
كلّ روح تتكوّن
لحظة الميلاد ما أروع أن نشقى ونحزن
شعبي المغروس في الكونغو المغضّن
* وعندما اعتقل لوممبا :
أجهش المذياع لوممبا أسير
فمشى الحزن على حاراتنا قلبا فقلبا
والجحيم المرّ في الأوصال شبا
يوم ساقوك إلى السجن مهيبا كالجبال
تنثر الزهو على الصخر وأحزان الظلال
دونها ألف قصيده
وشهيد وشهيده
صاحبي أغمض عينيه وأرغى وبصق
قال ما أقسى الليالي
ذاك شعر فوق طاقات الورق.
* وعندما اغتيل لوممبا انقلب الصمت والوجوم إلى ثورة عارمة :
أجنحة الصمت المنهار
رفعت سوداء على الدار
طارت عبر الأسوار
خرّ العود الفارع
انزلق الدمّ على الشارع
أزّ الدم هتافات، رايات
تحملها أيدي الثوّار
فاحت من دمك الأسود كلّ جروحي
كلّ عذابي .. نبض شبابي المذبوح
فاحت يا روحي من دمك الغالي
غضبة شعبي الجبّار .
* أما الرمز الأفريقي الآخر غير لوممبا الذي تغنى به (جيلي) فقد كان جومو كنياتا زعيم كينيا الأشهر،وقد ظلت أيضا قصة نضال الماوماو تتردد على ألسنة الشعراء ومخيلتهم . وعندما مات اختفى المثال ولم يختف النضال من أجل مستقبل أفريقيا :
ظل الحزن يدقّ الليلة حتى الفجر
مدّ النظرة مثل المحموم
فالتمع الخنجر فوق اليد
مثل الدمع الأسود مثل الحقد .
* وهذا هو شاعرنا صلاح أحمد إبراهيم في قصيدة (شنق امبادوا) وامبادوا واحد من الذين نكل بهم المستعمرون في كينيا، وكانوا ضمن حركة الماوماو ، يقول في (غابة الأبنوس) :
وفي الفجر جرّوك لساحة السوق
يدفعك السجان
بالساعد الموثوق
وجمعت آلاف ، من شعبك المرهوق
كالنمل ، كالديدان ، كالفلفل المحروق
واسمعوا التقرير
من لجنة التحقيق
سطوره استهتار
وعدله تلفيق
وإذ علا التصفيق
تقدّم الجزّار
في لحظة التطبيق
فأحكم الأمراس
في عنقك المعروق
* كما يسجل صلاح أحمد إبراهيم في (غضبة الهبباي) وصمة العار في جبين هذا العصر حيث يذبح الإنسان كما تذبح خرفان الأضاحي في عصر الإنجاز العلمي والصناعي :
عصرنا المعجز بالعلم وبالفنّ وقدرات الصناعه
عصر إنسانيّة الإنسان، عصر المدنيه
يذبح الإنسان في أفريقيا
أعزلا في الليل
كما تذبح خرفان الضحيّة
* وفي قصيدته (أفريقيا وزنوج أمريكا) يقول عبد العال سليمان :
إن يكن موتلي ونكروما وجورج
وتكن لوسي وكنياتا زنوج
أو رفاقي بين أحراش المروج
كلنا حرّ له أصل عريق
***
كم على الغاب رأينا أرضنا
كم هجرناها وخنّاها فصانت عهدنا
أرضنا العذراء تحمي شملنا
كل أفريقي .. سيأتي في الطريق .
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق