الجمعة، 21 يناير 2011

برقيّة إلى الشعب التونسي العظيم

برقيّة إلى الشعب التونسي العظيم

لستم وحدكم، فشعوب أمتنا العربية قد ملّت من سطوة الحكّام وحتّى من لعبة الأحزاب. الذين يلتفّون حول إنجازات الشعب.ويسرقون انتصاراته. عندما تحرّك الشعب التونسي لم تكن قيادات الأحزاب في المقدّمة ، وهاهي تطلّ برأسها. لتجزئة هذا الإجماع الرائع وتفتيت هذه الوحدة النموذج.. وقد كتبت في البرقية السابقة عن أملي في أن لا يفرّط الشعب في مكتسباته ولا يهدر تضحياته بتسليمها للأحزاب.. انطلاقا من تجاربنا نحن في السودان، ففي ثورة أكتوبر 1964 تحرّك الشارع السوداني في جميع مدنه وقراه إثر رصاصة غادرة أطلقت داخل حرم جامعة الخرطوم فأودت بالشهيد (القرشي) أحد طلاب الجامعة، وما أن تحرّك الشارع ووجه بالقمع حتى تمّ من مبنى القضائية الإعلان عن العصيان المدني حيث توقّفت عجلة الحياة لمدة أسبوع كامل ولم تجد الشرطة أو الجيش من يصطدم معه، عندها فقط حلّ الجنرال إبراهيم عبّود مجلسه العسكري ومجلس وزرائه وطلب من يستلم السلطة ، كانت جبهة الهيئات من محامين وعمال وطلاب ومزارعين ومعلمين وأطبّاء وكل نقابات واتحادات الشعب السوداني التي كانت تتقدم الصفوف قد شكّلت جبهة الهيئات، في مقابلها لملمت الأحزاب أطرافها وشكّلت جبهة الأحزاب، وتمّت مصادرة ثورة الشعب السوداني واستلمت الأحزاب التي فرّطت في البلاد ليقفز الجنرال جعفر النميري ويستولي على السلطة، وكذا بعد انتفاضة أبريل على (جعفر النميري) عادت الأحزاب ولم تستطع المحافظة على مكتسبات الشعب السوداني فإذا بالجنرال (عمر البشير) وهو على سدة الحكم وحتى الآن..
. أيها الشعب التونسي العظيم لا تفرّطوا في إنجازاتكم ولا تتركوا لعشّاق السلطة مجالا يتسلّلون من خلاله باسم الديمقراطية الغربية، التي تمزق ولا توحّد، تفرّق ولا تجمع، عليكم بالبحث عن ديمقراطيّة بديلة تحميكم وتحمي إنجازاتكم وتكونوا أنتم أصحاب القرار لا رؤساء الأحزاب، الذين يختزلون أصواتكم في بطاقات انتخابية تودع في صناديق ثم يستأثرون بالسلطة نيابة عنكم، ويقرّرون نيابة عنكم، لقد ملّت الجماهير العربيّة من أنظمة الحزب الواحد كما ملّت من أنظمة الأحزاب النيابية وصراعاتها فكلّها تسعى لمصالحها، وتفتّت وحدة المجتمع وتستأثر باتخاذ القرارات، وتعمل من أجل منتسبيها لا من أجل الوطن والأمثلة كثيرة لا تحصى. المجد والخلود لشهداء تونس الشابي، وتونس البوعزيزي، وتونس الحرّة ولشعبها الأبي..إنها بداية انتفاضة المارد العربي من قمقمه..والنصر للجماهير..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق