الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

كفى ظلما للشعب الليبي العظيم

كفى ظلما للشعب الليبيّ العظيم
أيّتها البشريّة الشوهاء


هذا العالم الأعرج، المتجرّد من القيم الإنسانيّة، المحتكم إلى قانون الغاب، شرعا له رغم كلّ الأديان السّمحة والشرائع العادلة المتسامحة، والقيم التي أرستها بنية الوعي الخلاّق.. وزاد عليها أن اعتمد الكذب والرياء والنفاق والزيف والخداع والدّجل والخيانة والعمالة مع القهر والتنكيل والظلم والقتل والتدمير والإبادة وكلّ مفردات الشرّ والظلام، اعتمدها نهجا تحكم وتتحكّم به في ضمير المجتمعات المحليّة والإقليميّة والعالميّة، فأضحى الأبيض أسودا والأخضر أحمرا وامتزجت ألوان الطيف بحكم المصالح وكلّ ذلك لم يشكّل إلاّ صورة من صور التخلّف في عالم يدّعي التقدّم والتحضّر والمدنيّة يدافع كما يقول عن حقوق الإنسان وهو لا يزال يرزح في دائرة البشريّة (والبشريّة هنا كلّ من له بشَرة على وجه الأرض) يستوي فيها مع كلّ الكائنات في الغاب أو الصحراء....واحتجبت مفردات الخير والصلح والسلام والمحبّة والإخاء والعدل والحريّة عن كلّ مفردات القاموس العصري الذي تهيمن عليه بنية الوعي البرجوازي المادّي..
. ما عدت أصدّق كلمة واحدة ممّا يكتب أو يقال عبر وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئيّة، فالصور تركّب والكلمات تتلوّن وتباع في الأسواق، والأقلام تكتب للأقوى والأغنى وتحجب الحقائق. من أجله تزوّر وتمارس التزييف بشكل واضح وظلم صارخ وتحريض يثير الغثيان، ولا نحتاج إلى دليل أكثر وأبرز ممّا شهدناه في العراق ونشهده اليوم في ليبيا خلال الأشهر التسعة الماضية، أتابع فيها بألم شديد انحدار أجهزة الإعلام التي أصبحت (غرف عمليّات) لطمس أيّ تعاطف، وحجب أيّ حقيقة وإبراز شرف للباطل إن كان للباطل من شرف، وشرعيّة القتل والتدمير إن كان للمعتدي من شرعيّة.. وأتابع كذلك حوارات من كنّا نعتقد أنّهم قممٌ ثقافيّة في وطننا الكبير، فإذا هم (مستغربون) يقومون بدور (المستشرقين) قبل مرحلة الاستعمار في القرنين الماضيين، ومستلبون من قبل الغرب يروّجون لثقافاته ويحملون جنسيّاته. ومن كنّا نعتقد أنّهم متديّنون أو وطنيّون تطرّفوا في دينهم وحالفوا أعداءهم ، وتنكّروا لوطنهم بذريعة أنه وطنهم. وحتّى مصطلح الثورة بما يحمل من قيم التمرّد والرفض والتحدّي والمقاومة والوعي ، ركبوا موجته وتسمّوا به كذبا وزيفا ، فما عاد يحمل قيم الثورة ولا نضال الفقراء والمظلومين ، ولا كفاح المستعمرين والمستعبدين من أجل الحريّة.
فهل يا تُرى أصابت العالم غشاوة، أو هو لا يسمع أنين الجرحى ولا بكاء الثكالى ، ولا يرى الأشلاء والدماء والدّمار للديار والخراب، فإذا به يكبّر عند قصف الأعداء لبني وطنه ، بل ويحمل السّلاح يساعدهم ويساندهم من حيث أنه يظنّ أنّهم يساعدونه ويساندونه.
أقسمُ بربّ العزّة أنّ الشعب الليبي العظيم لا يستحقّ كلّ هذه الإهانة وكلّ هذا الجور والظلم.. شعب عشت معه وفيه وعلى أرضه لخمس وثلاثين عاما، قضيت شبابي وجلّ عمري معه. معلّما وإعلاميّا وأستاذا جامعيّا، تعاملت مع كبيره وصغيره مع مديره وغفيره في حواضره وبواديه بطرابلس وبنغازي وسرت وسبها وغريان ومصراته وهراوة ومعظم مدنه وقراه، كنت فردا من أبنائه، علاقات رائعة وحميميّة وإنسانيّة حدّ الإعجاب، أنستني تلك المعاملة الطيّبة الدار والأهل والأحباب والأصحاب في بلادي وما لها عليّ من دين.. وجعلتني أستقرّ طيلة هذه الفترة حيث أضحت ليبيا وطنا ثانيا لي وأهلها أهلي، أحببتهم كثيرا وأعطيت لهم ما وسعني العطاء في مجال العلم والمعرفة.. فعرفني الكثيرون في هذه المدن وغيرها وتعرّفت على الكثير منهم.. ليسوا هم ما رأيت أو ما شاهدت عبر التلفاز أو ما صوّر للمواطن العربي عبر وسائل الإعلام.. الأمن والأمان كان هالة حول حدائق المدن وجنان الأرياف، كما أنّ قيم الوفاء كانت مغروسة فيهم، وجسّدها قائدهم حين جعل للوفاء يوما هو الثلاثين من شهر سبتمبر يتمّ فيه تكريم كلّ من أعطى وضحّى وقدّم وبذل وتفانى في سبيل التقدّم والعلم والمعرفة والأدب والفن والوحدة العربيّة والأفريقيّة والإخاء الإسلامي، بل كلّ من سعى لإحداث نقلة نوعيّة في دائرة البشريّة وغرس بذور الإنسانيّة.. فإذا بالبشريّة الحمقاء لا يعجبها ذلك..
وحين وصلت مرحلة التقاعد ودّعت ليبيا وهي رائعة جميلة تتزيّن بأبهى حللها وتنمو فيها السنابل الخضر وتتفتّح الورود في ساحاتها.. تنتصب الجامعات الشوامخ في كلّ مدينة من مدنها، يعتزّون بأنفسهم ويفاخرون أنّهم الشعب سيّد نفسه، وأنّهم يشكّلون عائلة واحدة، لا تفرّقهم أحزاب ولا تخدعهم أقطاب وليس لهم أرباب سوى ربّ العزّة ، وباب العزّ الذي يعشقون، وقائد جريء به يفاخرون يقول للعالم الظالم ما لا يقدر على قوله الآخرون..
وحميميّة الودّ والمحبّة التي وجدتها بينهم هي التي جعلتني أودّعهم وأنا أقول:
ولي عالمٌ يوحي ولا يتكلّمُ
ألوذ بحرفي حين بوحي يكتمُ
سألت قصيدي كيفما شاء يحكمُ
فعانقت مفردة الوفاء وكنتمُ
لكلّ جراح البعد فيكم وعنكمُ
لي الأهل والأحباب والله يعلمُ
كأنّا وقد كنّا بمولدنا معا
كأنّا نشأنا مذ طفولتنا معا
كأنّا ترافقنا مدى عمرنا معا
كأنّا اقتسمنا زاد شدّتنا معا
كأني اختزلتُ باقة الودّ فيكمُ
وكنتم كأني أو كأني كنتمُ
فما تكتب الأيّام كيف يترجمُ
ومن يشتكي في الودّ كيف سيحكمُ
تبسّم حرفي حين أدرك أنّكم
قريبون في كلّ القلوب سكنتمُ

وهذا القائد الذي يعتبره اللّيبيّون رمزا، والأحرار في العالم مناضلا جسورا ، يقول عنه الخانعون والخائفون الذين لا يملكون أمر أنفسهم أنه مجنون (والجنون هو مخالفة السائد). وقد خالف السائد فعلا، وانتقد قهرهم وبطشهم للضعفاء باسم القانون الدولي، وتزييفهم للديمقراطيّة التي يسعون لفرضها بالقوّة على الشعوب في وقت لا تطبّق فيه هذه الديمقراطيّة حتى في قمّة المنظّمة الدوليّة (مجلس الأمن) الذي جار عليها وامتلك حق التقرير وإنفاذ قراراته ولو بالقوّة.. في حين أنّ الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة قراراتها غير ملزمة ، وأشبه بالديكور لمجلس الأمن.
خالف السائد حين وجد أنّ هذه الديمقراطيّة الليبراليّة الزائفة والجوفاء والتي تدّعي أنّها خاتمة المطاف وأنها تتيح الفرصة للتداول السلمي للسلطة، إنّما هي لعبة الأغنياء وأصحاب المصالح الذين يخلقون الرأي العام ويصنعونه ويوجّهونه ويسيّرون بالمال دفّة العالم كيف يشاءون.
والجنون هو عندما تلتئم جماهير الشعب في مؤتمرات شعبية لا حزبيّة فيها ولا قبليّة ولا طائفيّة ليتخذوا من القرارات ما شاءوا ويحملها أمناء لهم لمؤتمر الشعب العام وتنفذها لجانهم الشعبيّة التي اختارتها جماهير هذه المؤتمرات.
والجنون هو هذه الإنجازات الضخمة وفي مقدّمتها النهر الصناعي الذي أخرج ماؤه من عمق الصحراء ليرتوى هذا الشعب ماء عذبا بدلا من محطات تحلية مياه البحر.
والجنون هو بناء ليبيا الحديثة وإرسال البعثات بآلاف طلاّب الدراسات العليا ليتلقّوا العلم والمعرفة في أعرق جامعات العالم على نفقة المجتمع والعمل على توطين العلم والمعرفة بالداخل.
والجنون هو إتاحة الفرصة لكلّ الطلاّب العرب والأفارقة من الدراسة في المدارس والجامعات الليبيّة مجّانا والتداوي في المصحّات والمستشفيات الليبيّة مجّانا أو برسوم رمزيّة..
والجنون هو توفير السكن الحديث للشباب الليبي ومنحه القروض لتأهيل نفسه ومنحه السيارات بأقساط مريحة..
والجنون هو السعي الحثيث لتوحيد قدرات الوطن العربي والعمل على توحيد القارّة الأفريقيّة حتّى جعل من الاتحاد الأفريقي يجتمع في ندّيّة مع الاتحاد الأوربي.
والجنون هو اعتبار الإرهاب الدولي صنوا لإرهاب الجماعات المتطرّفة، وإرهاب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التجارة العالمي ومجلس الرعب الذي يسمّى بمجلس الأمن والذي تقوده الدول الامبريالية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية فأعطت نفسها الحق في رسم سياسة العالم بتجريِم من تشاء ومحاكمة من تشاء ومنح الشرعيّة لمن تشاء ونزعها ممّن تشاء..
هذا هو الجنون الذي اتسم به القذّافي .. وهذا هو الشعب الليبي العظيم الذي التفّ وتماسك وبنى وأنجز كل هذه المنجزات بفخر واعتزاز..
فلا أصدّق ولا تصدّقوا أنّ الشعب الليبي هو من ثار على نظامه وشوّه صورة قائده وقتل وذبح ودمّر منجزاته وفرّط في مقدّراته من أجل أن تكون ليبيا تحت عباءة الغرب الامبريالي..
ولو كانوا كذلك لما احتاجوا لحلف الناتو ليساعدهم على تدمير منجزاتهم وقتل وإعاقة وتشريد مئات الألوف من أبناء الشعب الليبي العظيم حتّى يفرض حكّاما جددا موالين له يملى عليهم ما يشاء..
لقد تكالبت قوى الشر والعدوان على قيم الإنسانيّة في ليبيا.. فكفى ظلما أيّتها البشريّة الشوهاء ، وليراجع المثقّفون الوطنيّون على امتداد الوطن العربي، وفي قراءة متأنّية صورة هذا المشهد الدّامي والعدوان الآثم والتشويه المتعمّد والتدمير الممنهج والتزييف الصّارخ باسم أكذوبة (أسلحة الدمار الشامل) في العراق و(حماية المدنيّين) في ليبيا.
.

هناك تعليقان (2):

  1. عزانا في فارس لبلاد
    استشهد في الجبهه صنديد
    عزانا في صاحب لمجاد
    عزانا في الصقر الوحيد
    ضد العالم خش اعناد
    تحدي في حلف عرابيد
    حلف بالي خالق لعباد
    يموت في وطنه حر شهيد
    حلف ميخشوها لوغاد
    العضميى يا نقراش الايد
    لكن ربك هكي راد
    اعمووورة قسمه يموت شهيد
    غصبن عن خشم الحساد
    هنيئا ياباتى العقيد
    تحياتي لك دكتورنا الفاضل الوفي للشعب الليبي أ. عبد الرؤف ... الاستادة دلال اعواج

    ردحذف
  2. ليت لك يا عبد الرؤوف اليوم عينا فترى كيف أمست ليبياك تحياتي لك أيها الصديق الصدّيق وللأسرة الكريمة كان آخر لقاء لنا أمام بيت في عاصمةلاءات الزمن الجميل حتما أنت لاتذكرني وأنا لا أستطيع البوح بأكثر من ذالك فمحدّثك في عاصمةصمود سقطت وفي الزمن الردئء قيل عنها تحررت أرأيت المنطق المعكوس رأسا على عقب

    ردحذف