الاثنين، 30 نوفمبر 2009

أطروحة دكتوراه تتناول شعر الرفض والتمرّد
وتوازن بين أمل دنقل و عبدالرؤوف بابكر السيّد






في صباح الأربعاء الموافق 8. 4. 2009، وبمدرج المرحوم الأستاذ عبدالله محمد الهوبي بجامعة الفاتح القاطع (أ) وبعد إجراء المناقشة العلنيّة والتداول أصدرت اللجنة بإجماع الآراء قرارها بمنح الطالبة هدى رجب محمّد إبراهيم درجة الإجازة الدقيقة الدكتوراه في اللغة العربيّة " الدراسات الأدبيّة" على أطروحتها الموسومة ب :
فاعليّة شعر الرفض والتمرّد
أمل دنقل - عبد الرؤوف بابكر السيّد
دراسة نقديّة موازنة في ضوء منهج التحليل الفاعلي
أشرف على هذه الأطروحة د. ساسي سعيد رمضان واشترك في مناقشتها كل من:
أ.د. علي عبد المطلب الهوني د. عمرو أحمد عيسى د. مصطفى محمد أبو شعالة
وقد جاء في مقدّمة الأطروحة ما يلي:
لقد كانت علاقة الشاعر بالسلطة في تراثنا العربي في الغالب علاقة التابع بالمتبوع، علاقة قمعية مشدودة بفعل انجذاب تلك السلطات المسيطرة، مثل سلطة البنية السياسية، وسلطة البنية الاجتماعية، وسلطة البنية الدينية، وسلطة البنية الثقافية، إلى تاريخ القمع التليد.
لذا فإن مطلب الأدباء في الحرية ليس حاضراً في أدراج تلك البنى المسيطرة القامعة، إن هي شاءت منحته لهم، وإن هي شاءت حجبته عنهم، مكتوون بنار القهر والاستلاب والقمع، فما من سبيل إلا السير في طريق الرفض والتمرد وتحمل كافة تبعاته ومسؤولياته، إما مفطورين أو موجهين إليه توجيهاً، مدفوعين دفعاً بقوة تلك السلطات ، مشكلين بشعرهم حجر عثرة في طريقها.
حيث لا يهدف ذلك الشعر الرافض والمتمرد إلى توفيق أوضاع الشاعر مع البنى المسيطرة في المجتمع وعمل مصالحة معها، بل يهدف إلى تحريض الإنسان ضد مظاهر النقص وأساليب القمع ووسائل القهر، إنه يشعل شرارة الحرية داخل النفوس المقموعة؛ لتشهد هول الكارثة التي تعشعش فيها لتتمرد على ذاتها، قبل أن تتمرد على غيرها، كل هذا سنشهده، من خلال شاعرين عرفا برفضهما وتمردهما ونضالهما، وهما الشاعر المصري أمل دنقل والشاعر السوداني عبدالرؤوف بابكر السيد .





ومن الأسباب التي دعتني إلى اختيار هذه الدراسة دون غيرها ما يلي :
. 1) الاحتياج الكبير إلى دراسة الأدب المعاصر بشكل عام، وخاصة ذلك الأدب الذي يعالج قضايانا المعيشة من صراعات، وانهزامات، وتردِ في كافة الأوضاع التي تمر بها الأمة العربية، وخروجاً عن الدور الرسمي الذي عهدناه في كتبنا المدرسة التلقينية، أو الكتب المرجعية، التي انكفأت على دراسة أغراض الشعر المعتادة، والتي كادت أن تصرف الباحثين عن دراسة المعاصرة .
2) عدم وجود دراسة مستقلة لأغراض الرفض والتمرد في كل توجهاته، سواء السياسية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، ماعدا بعض الدراسات التي تطرقت لذلك الموضوع، ولكن مع اختلاف في المنهجية، والنماذج المختارة للدراسة.
3) ضرورة إثارة مثل هذه القضايا، والتي تبرز فيها إمكانات الشعراء وأساليبهم الفنية المراوغة، للتحايل على الرقابة، وتسريب أفكار ومواقف ثورية رافضة ومتمردة، أو متعارضة مع السلطات بمختلف أنواعها حيناً، وبين الشريحة المغلقة لرفضها وثورتها دون اتخاذ التقية والاحتماء وراء أسوار منيعة، من فنون البلاغة، والتنقل بين أساليب الإبعاد والإقصاء من ناحية أخرى .
4) محاولة إحياء ذلك الغرض والذي كان يمثله أدب الشطار والصعاليك والعيارين والزط والكدية، والذين عاشوا القمع يوماً، فتولد عنهم إبداع لم يأخذ كفايته من الاهتمام والعناية، لما يمثله أصحابه من مروق ومخالفة للبنى السائدة، التي تستهجنهم، ولا تعترف حتى بإبداعاتهم، بل لا تراه إبداعاً على الإطلاق، ماعدا بعض الكتب التي تناولت الصعاليك مثل كتاب يوسف خليف، وفصول في بعض من الكتب التراثية .
5) وبالرغم من الاهتمام الذي حظي به الشاعر أمل دنقل، إلا أن مكتباتنا العربية على حد علمي تخلو من دراسة مستقلة حول غرض الرفض والتمرد عنده، والذي يعتبر السمة الأساسية الغالبة على شعره، ناهيك عن الدراسات التي ذكر بعضاً منها في سفره، وبعض المجلات العلمية هنا وهناك .
6) عدم وجود دراسة أكاديمية عن الشاعر السوداني عبدالرؤوف بابكر السيد على الإطلاق، حيث تعد هذه الدراسة اللبنة الأساسية، والمصدر الرئيس لكل الدراسات التي ستقام حول شعره فيما بعد، علماً بأن الدراسة سترفق ملحقاً، يتكون من خمسة وثلاثين سؤالاً حوارياً، أجرتها الباحثة مع الشاعر نفسه، وهو ما عمدت الأطروحة على إضافته للمكتبة العربية.
7) توضيح العلاقة الوثيقة التي ترتبط الشاعر الرافض والمتمرد بالواقع المحيط به وعدم انفصاله عنه، فالنص الشعري الصادر عن ذلك الشاعر يحيل إلى مرجعية لها إطارها الدال الراسخ، مما يحدد زاوية قدرة وقوة نظر الشاعر، إلى الوعي بواقعه والحكم على عالمه بغية تطوير ما هو في حاجة لذلك التطوير، ولا يكون ذلك _ من وجهه نظري ـ إلا بمعرفة "الفاعلية ".
و"الفاعلية" أو "التحليل الفاعلي" هو المنهج المتبع في الدراسة و الذي يمثل النشاط الذي يثري الحياة الإنسانية جمعاء.
وأول عمل قمت به قبل أن أشرع في البحث هو الوقوف على الأعمال التي تناولت الشاعرين أمل دنقل، وعبدالرؤوف بالبحث والدراسة حتى أتجاوز التكرار والاجترار، ومن بينها :
1) رسالة دكتوراه بعنوان الحركة النقدية حول تجربة أمل دنقل الشعرية ، حسن سليمان سلمان، في الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، قسم اللغة العربية، اسم المشرف أ.د. صلاح جرار، المشرف المشارك ،د. سامح الرواندة ، ط 2007ف .
2) دراسة بعنوان البنيات الدالة في شعر أمل دنقل ، عبدالسلام الميساوي ، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، ط 1994ف .
3) شعر أمل دنقل، دراسة أسلوبية، فتحي أبو مراد، سنة 2002ف.
4) ورقة بحثية بعنوان ( شعراء الرفض) ، د. لويس عوض ، سفر أمل دنقل، لعبلة الرويني ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1999ف .
5) ودارستان للدكتور مصطفى الضبع ، الأستاذ المساعد ورئيس قسم البلاغة والنقد والأدب المقارن كلية دار العلوم بمصر ، بعنوان :
أ‌) تقنيات الواقع في شعر أمل دنقل ،دراسة نقدية ، القاهرة ط1999ف .
ب‌) آليات الرفض في القصيدة الحديثة ، المؤتمر العلمي الخامس، كلية دار العلوم، الفيوم، أكتوبر 2002، ومنشورة بمجلة أفق عدد 42 ،43 ، فبراير ، مارس 2004ف ،
أما عبدالرؤوف بابكر السيد فكل ما عثرت عليه عبارة عن دراسات لبعض من قصائده، بعضها منشور في مجلات أدبية وعلمية والبعض الآخر مخطوط ، من بينها:
1) بين يدي الشعر ، عمر رمضان ،سنة 2007ف مخطوط.
2) بحثاً عن معلقة، بحثاً عن عكاظ،حسن الأشلم، مجلة تعالوا ، جامعة التحدي ، العدد الأول ، سنة 2008ف .
3)الرؤية والتشكيل الفني قراءة في قصيدة" وترية الهاجس والحرف "للشاعر عبد الرؤوف با بكر السيد د . حماد حسن أبو شاويش، جامعة الأقصى، غزّة فلسطين.
4) وتريّة الهاجس والحرف..عبدالرؤوف بابكر السيّد .. سيرة للوطن والذات.. للدكتور سعد التميمي، جامعة إب.

ومن حيث المنهج المتّبع في الدراسة فإنّ مرتكزات نظرية الأدب التي اقترحها(صاحب التحليل الفاعلي) تتلخّص في :
1) الرؤية الفلسفية.
2) الهوية الإبداعية للنص الأدبي.
3) الهوية الإبداعية للمؤلف .
4) الهوية الإبداعية للقارئ
.
وجاءت الدراسة مقسمة إلى أربعة فصول. كل فصل بثلاثة مباحث ماعدا الفصل الثالث بأربعة مباحث، وتمهيد للبحث كالآتي :
1) التمهيد، عن مصطلحي الرفض والتمرد لغة واصطلاحاً، ومن ثم عرضت لمنهج التحليل الفاعلي، كما عرضه صاحبه الشيخ محمد الشيخ، كونه لم يغفل عن أحد أطراف العمل الأدبي، سواء أكان منتجاً أم نصاً أم قارئاً ، والتطرق للدراسة الأهم وهي التي أسهمت بفتح نافذة في كيفية مقاربة النصوص الشعرية وهي" النص الأدبي الاستلاب والفاعلية " لعبدالرؤوف بابكر السيد" لما فيها من إضافة يحتذي بها كل باحث يعتمد منهج التحليل الفاعلي، ومقاربة النص الشعري على وجه التحديد .
2) الفصل الأول : أدبيات بنى الوعي :
المبحث الأول : أدبيات البنية التناسلية . وفيه تم الحديث عن هذه البنية المغلقة وقصورها، وأنها مازالت مسيطرة ومستدمجة غالبية أفراد المجتمع العربي، وإصرارها على إعادة إنتاج نفسها، وذلك بتوظيف أفرادها وتطويقهم بآليات تقمع وتدمر كل مارق عنها.
المبحث الثاني : أدبيات بنية الوعي البرجوازي، تناولت على أثر المبحث السابق البنية البرجوازية كما عرفها الشيخ محمد الشيخ، كونها قاصرة وأصبحت مسيطرة نوعاً ما، مشكّلة صراعاً أبدياً مع البنية التناسلية من أجل فرض نفسها، وحماية أفرادها كي لا تفقد وجودها، مستحضرةً بعضاً من أدبياتها التي تدافع بها، وترد على من يخاطبها ويحاول إجهاضها ودحرها.
المبحث الثالث :أدبيات بنية الوعي الخلاق، تم الإشارة في هذا المبحث، إلى علاقة المبدع والعبقري والشاعر بمجتمعاتهم، والصراعات المحتدمة بينهم، والتي تنم عن احتياز هؤلاء المبدعين لبنية وعي مخالفة لبنية مجتمعاتهم، والتي بها يحاولون أن ينفلتوا، ويختلفوا قدر الإمكان بغية تعديل الواقع وتحسينه، رافدة ذلك ببعض الأدبيات التي تم انتقاؤها بشكل عشوائي، لإثبات أن هذه البنية لم تنشأ حديثاً وإنما هي متجذرة في صلب البشرية، من أجل الارتقاء بمستوى كل ما هو بشري إلى الإنساني، وهي الغاية والمطلب.
3) الفصل الثاني : فاعلية كلا الشاعرين .
المبحث الأول : التحدي والمجابهة: يتم التعرف على شاعرينا اللذين اختارتهما الدراسة وعرض بعض من نتاجهما القولي والذي يمثل غرض الرفض والتمرد، بل يعتبر السمة الغالبة على شعريهما، علماً بأننا لم نتطرق لسيرتيهما الذاتية بغية السرد والتوثيق؛ وإنما تطرقنا للتحديات التي جابهاها، فنتج ما هو بين أيدينا، وما استحق أن يكون موضوعاً للدراسة .
المبحث الثاني : فاعلية النص : وبما أن منهج التحليل الفاعلي اهتم بأطراف العمل الثلاث مبدعاً ونصاً وقارئاً، فإن هذا المبحث يهتم بنصوص شاعرينا الرافضة والمتمردة، دون النظر لأجواء النص وأسبابه. ففاعلية النص من العناصر الأساسية لفاعلية المبدع، فإذا لم يكن لنصه فاعلية مؤثرة في المتلقي بحيث يكون مؤثراً ومغيراً ومعبراً وفاعلا، حينها يفقد النص مذاقه وسر نجاحه، ومن ثم الاستمرار من عدمه .
المبحث الثالث : فاعلية المتلقي، وفي هذا المبحث يتم التطرق إلى متلقي النص، ومقدار تأثره به حسب بنيته التي يحتازها، تناسلية كانت، أو برجوازية، أو الخلاقة، وبما أن النص ملكاً للمتلقي، كما النهر هو ملك للمصب وليس للمنبع، فإن العبء يقع على كاهله، من أجل تصدير فاعلية بعينها، ربما تخالف بنية مبدع النص وقصديته وربما تتفق، وقد تم عرض بعض قراءات تمت على شعر كلٍ من شاعرينا أمل وعبدالرؤوف، وتلخيص وجهات النظر فيه، وإبراز فاعلية متلقي نصوصهما بكل حياد .
4) الفصل الثالث : الأنماط التعبيرية .
فقد كان هو بيت القصيد، حيث قسمته إلى أربعة مباحث كما يلي:
المبحث الأول : الأنماط السياسية، وفيها تم التطرق إلى كلمة السلطة وسلطة الكلمة، من خلال أبيات لأمل وعبدالرؤوف في محاولاتهما المستمرة من أجل خلخلة البنية التي هما بصدد مواجهتها، منوهين إلى الأسلوب الذي اتبعه كل منهما في تعبيره عن رفضه وتمرده مع ذكر أوجه الاتفاق والاختلاف .
المبحث الثاني : الأنماط الاجتماعية، من خلال النماذج المختارة، تطرقت الدراسة إلى العصبية المسيطرة على المجتمعات العربية وسيادة العادات والتقاليد والسنن غير الصالحة بغية قمع الأفراد ورضوخهم، من أجل مصالح بعينها أو شريحة بعينها، غارقة في دياجير الظلم والتقوقع في ثنايا الماضي بكل تناقضاته مع الزمن الحاضر، بحثاً عن زمن مضى، ولحظات كرامة يفتقدها الحاضر، وعن هوية غائمة، أو اللجوء للآخر، دفعاً لوطأة الهزيمة، وسعياً لمعرفة سبب تفوق الآخر وانكساره، ظناً أن غياب تلك المعرفة كانت سبباً في الهزيمة .
المبحث الثالث : الأنماط الدينية ، تمت الإشارة في هذا المبحث إلى بعض من القراءات النقدية المعاصرة لمجمل الخطاب الديني، والخلط الواقع بين النصوص الدينية والفكر الديني، من فهم النصوص وتأويلها وبين النصوص ذاتها، مما نتج عنه الشيع والمذاهب والتيارات السلفية والتي في حالة مد وجزر لا يتوقف، ولن يتوقف مادمنا نحتكم لحرفية نصوص هي ذاتها تأمرنا بالتعقل والتدبر والتفكر، رافدة كل ذلك ببعض من النماذج الشعرية لكلٍ من شاعرينا .
المبحث الرابع : الأنماط الثقافية، وهو عصارة كل ما سبق ذكره وتلخيص مجّمع في نسيج واحد، ولكن يختلف من مجتمع إلى آخر كل حسب مدخلاته، وظروفه السياسية، والاجتماعية، والدينية بما يخدم مصالح البنية السائدة في تلك المجتمعات، وبما يشكل لها طابعاً مخالفاً يميزها عن غيرها، مع التمثيل .
5) الفصل الرابع الأنماط الفنية :
فلقد كان للأنماط الفنية وتنقسم إلى ثلاثة مباحث كما يلي :
المبحث الأول : بنية اللغة ، تم التطرق في هذا المبحث إلى لغة كلا الشاعرين، وكيف أنهما اعتصرا كل إمكاناتهما واستثمراها وجعلاها تتجاوز حدود مناطقها التعبيرية، من أن تحيط بكل أعماق التجربة الشعورية وأبعادها الخفية، من استعمال المفردة وما تشكل منها من أفعال متزامنة، ودلالة الزمن فيها، وإخراج الشيء من نقيضه إلى غير ذلك من فنيات اللغة وسحرها .
المبحث الثاني : بنية الصورة، تم إظهار إمكانات الشاعرين في استعمالهما كل ما يجمِّل الصورة ويحسنِّها من روعة الخيال وخصوبته مستخدمين فنون الإيماء والغموض والإيحاء، والظهور، فتحمل المتلقي إلى عالم يشبه الأحلام فيؤثر فيه ويحقق ما يصبوا له من خلال تلك الصور إن نجح في إيصالها، حسب بنية المتلقي .
المبحث الثالث : بنية الإيقاع، تم التفريق بين الإيقاع المعروف كمقياس من أهم المقاييس الفنية للإبداع الشعري، وبين كونه عملية جوهرية وضرورية لمجموعة اعتبارات كتأكيد قوي لمعنى الكلمات، وضغط على الانفعال والأفكار، لذا فسنترك الإيقاع الخارجي " الموسيقي التركيبية "، ونتعامل مع الإيقاع الداخلي " الموسيقي التعبيرية "، لكلا الشاعرين ونفصِّل القول من حيث : إيقاع اللغة _ إيقاع العصر _ إيقاع الرفض والتمرد .
ومن أهم المصادر التي استخدمها الباحث في الدراسة:
1) أمل دنقل ، الأعمال الشعرية الكاملة _ دار العودة _ بيروت _ مكتبة مدبولي _ القاهرة _ ط2 1985ف .
2) عبدالرؤوف بابكر السيد _ديوان الحروف _مطبوعات مجلة المؤتمر _ ط1 _2007ف.
3) عبدالرؤوف بابكر السيد _ النص الأدبي الاستلاب والفاعلية _ منشورات جامعة التحدي ليبيا_ ط1 سنة 2008ف .
4) الشيخ محمد الشيخ _ الإنسان والتحليل الفاعلي _ تحليل الشخصية السودانية من خلال _"موسم الهجرة إلى الشمال و" عرس الزين " دار الوعد _ الخرطوم _ سنة1989 ف .
5) عبدالعزيز قباني _ العصبية بنية المجتمع العربي_ منشورات دار الأفاق الجديدة _ بيروت ط1 _1997 ف.
6) عبلة الرويني سفر أمل دنقل _ الحياة المصرية العامة للكتاب 1999ف .
7) عبلة الرويني الجنوبي _ دار سعاد الصباح _ ط1 _ 1992ف .

أما الصعوبات التي واجهت الدراسة إضافة إلى أسباب اختيارها والتي سبق ذكرها فتمثلت فيما يلي :
1) غياب دراسات أكاديمية حول شعر عبدالرؤوف بابكر السيد، الأمر الذي أدى إلى التركيز على الشاعر نفسه والاعتماد الكلي على الذات في تحليل نصوصه.
2) غياب دراسات تناولت شعر الرفض والتمرد كغرض شعري غالب على نصوص أغلب شعراء العصر، ناهيك عما وجدته هنا وهناك من المقتطفات التي لا ترضي نهم الباحث في أدب الثورة والمقاومة .
وقد تم إرفاق ملحق يتضمن الحوار الذي أجرته الباحثة مع الشاعر عبدالرؤوف بابكر السيد.
وأنا بهذا الجهد لا أدعي الكمال والتمام، فإنتاج شاعرينا أمل وعبدالرؤوف ما يزال في حاجة إلى المزيد من الدراسة العميقة، التي تميط اللثام عن مساهمات هذين الرائدين في إثراء الأدب المعاصر، ودورهما الكبير الذي لعباه في قراءة الواقع.

كما جاءت خاتمة الدراسة كما يلي:
حين يصبح الشاعر قادراً على أن يقول الكلام الذي ليس من الكلمات، فليس لأنه مولع بابتكار لغة بيانية زخرفيه يتباهى بتثويرها وتفجيرها، ولكن هذه اللغة المبتكرة سيرافقها طرائق تفكير مبتكرة من شأنها أن تنقل الإنسان من مستهلك للكلام إلى منتج للفعل، أي إلى منتج للكلام الفاعل الذي يفضى إلى التغيير والتثوير.
فلغتنا السائدة هي لغة الأوضاع السائدة ، وهذه الأوضاع مختلفة، على جميع المستويات، لهذا كانت لغتنا متخلفة على جميع المستويات " إنها لغة بيانية ، صنعية ، زخرفيه ، والمجتمع هنا يستهلك اللفظة ، كمتعة فردية ، أي كما يستهلك السلعة، هكذا فقدت اللغة حيوية الإبداع وحرارة الحياة ،... إنها تمجد لحظة الكلام ، لا لحظة العمل ، لحظة الاستهلاك ، لا لحظة الإنتاج "( ).
من هنا ، ومن هذه اللغة تولد " اللغة الوحشية " ( ) ، يولد التمرد ، اللغة البدائية الطازجة التي لم تستأنس بعد، وعلى جناح هذه اللغة يمكن للشاعر أن يحلق إلى آفاق الحرية :
" لا تكتبُ أرض الحريّة إلا لَُغَةُ وحشية " ( ).
وانحياز الشاعر المعاصر لهذه اللغة يعنى أنه يعلن ترك اللغة الضد والتي تشمل لغة الاستعطاف، والاسترقاق والاسترحام، لغة البكاء على الأطلال والعبرات والنظرات والحسرات التي تستهوي أفئدة الغالبية العظمى من الجماهير ، وتداعب أحاسيسهم البدائية ، وتهدهد آمالهم المحبطة، وتكّرس لحالة السكر التي يغرقون في لججها .
وكما يقمع الإنسان الإنسان، كذلك تقمع الكلمات الكلمات، والشاعر الذي نذر نفسه لتحرير الإنسان من الإنسان يدرك أن هذا التحرر لا يصل إلي غايته إلا بتحرير الكلمات من الكلمات، والتخلص من الثقافة السلطوية أو التسلطية، بدعوات مستمرة إلى التأمل ملياً في طبيعة هذه الثقافة التي لا تعرف لغة الاختلاف أو لغة الحوار، والوقوف في وجه من يقيمون أنفسهم أوصياء على الفكر، والسياسة والأدب، والفن، والدين، مستخدمين آليات القمع الجسدي والنفسي لمواجهة من يختلفون عنهم، ولا يرون رأيهم، الذي يعتبر الصانع للحاضر، والذي ما هو إلا صورة مستنسخة من الماضي، بكل سلبياته ومخلفاته ولا ننكر بعضا من الإيجابيات التي كانت صالحة فيما مضى .
ووفقاً لهذه الرؤية التي توصلت إليها الدراسة ثمة نتائج نلخصها فيما يلي :
أولاً : من حيث الفاعلية:
أ‌) فاعلية المبدع حسب البنية التي يحتازها وفي دراستنا ، فإن كلا الشاعرين قد احتازا بنية وعي خلاق أولهما وهو أمل، من خلال الظروف الحياتية التي تصدى لها بفاعلية، والتحديات التي جابهته فطوعها إيجاباً من خلال إبداعه، وثانيها وهو عبدالرؤوف فمن خلال علمه وقراءاته وتساؤلاته المستمرة حول السائد، وعن الضعف فيه ، إضافة إلى قراءته الثاقبة لكل ما يحيط به، والأحداث التي مرت بها بلاده وأمته العربية فاختار أن يكون مسحراتي في الظهيرة، بأسلوب وخطاب لا ترفضه البنية السائدة رغم الأسئلة التي يطرحها، مخاطباً العقل متحدياً البنية أن تجيب عليها، ومن خلال مهنته التربوية التي احتازها، وصوته الإعلامي الذي وظفه وأخيراً إبداعه الشعري .
ب‌) إن فاعلية النص تجلب من خلال التجاوب وتصدير الفاعلية للقارئ، ورسم الواقع التخيلي عبر اللغة، وشحنة الأفكار ومساءلة البنى القاصرة والدعوة لاحتياز بنية وعي مفتوح خلاق، إضافة إلى الدعوة إلى المحبة والتعامل مع الآخر والدخول لرحاب الإنسانية .
ج‌) إن فاعلية القارئ، ليست هي إلا قراءته وفق بنيته التي يحتازها، ويوظف النص لصالحها وقد تجلى ذلك من خلال عدد من القراءات لنصوص كلا الشاعرين والتي قدمنا لها عرضاً في متن الأطروحة .
ثانياً : من حيث التمرد:
أ‌) إن خطاب الرفض والتمرد يتسم بعدة خصائص تتمثل في المباشرة حيناً، وفي الرمز والتعمية حيناً أي أنه يخاطب البنى المختلفة عبر الإبداع اللغوي.
ب‌) إن ظاهرة الرفض والتمرد ليست حديثة ولكنها تشكل في العصر الحديث قوة مفتوحة الفضاءات تستطيع أن تؤثر وأن يبلغ خطابها مداه، رغم التهميش والمواقف المتعسفة التي تمارس من رفض وتمرد على السائد .
ج‌) إن الخروج عن السائد والمألوف رغم إيجابيته، إلا أنه في كثير من الأحيان تحاصره البنى السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية بشكل عام ، فيظل الرافض المتمرد صعلوكاً مغترباً في وطنه، لكنه يصر على مشروعه ورؤيته مهما كلفه ذلك من معاناة، فهو مقتنع بأن هذا هو دوره في هذه الحياة (الحب والإبداع، والعطاء الشامل) مهما وقفت البنى السائدة في وجهه، وحاولت تحجيم دوره، وخلق نجوميات السلطة عبر إعلامها الرسمي .
ثالثا ً : من حيث الموازنة:
توصلت الدراسة إلى أن كلا الشاعرين أمل وعبدالرؤوف قد اشتركا في بعض السمات والخصائص و اختلفا في بعضها الآخر، وقد عرضنا إلى المشترك منها متمثلاً في :
1) أن كلاهما يحمل أفكاراً وروىً، تتعارض مع أفكار البنية التناسلية والبرجوازية، كرفضهما للتراث والتقاليد والأعراف السلبية، والدعوة الملحة للمعاصرة ، والحرية والصدق ومعاني الحب والخير والعطاء .
2) كلاهما دعا البنية السائدة إلى مواجهة الصعوبات والتحديات والصراعات والنزاعات التي تواجه الإنسانية اليوم، مما يعرقل مسيرة العطاء والإبداع ، من أجل تهيئة حياة كريمة للإنسان .
3) كلاهما رفض وتمرّد واستطاع أن يؤثر بشكل واضح، وجاد لتغيير الواقع السائد، وذلك بخلق واقع بديل، فكان بمثابة المسحراتي في الظهيرة .
4) كلاهما تعرض للقمع والحرمان من البنية وعانى في سبيل قول ما يجب أن يقال، لا ما يجب أن يسمع ويعمم .
5) كلاهما كان متديناً في صباه، وعندما تقدمت بهما السن استطاعا أن ينتهجا أسلوباً مغايراً عما تلقياه في صباهما من تلقين وتعليم، وذلك بطرح التساؤلات ليس بهدف إنكار الله ولكن مخاطبته ومناقشته والبحث دائماً عن الإجابة لأسئلة صعبة لم يجداها أثنا قصور وعييها.
أما المختلف منها فقد تجسد في الوسيلة والنهج والأسلوب بالدرجة الأولى ويأتي في الدرجة الثانية :
1) أن أمل استعراضي يبحث عن لفت الأنظار إليه دائماً "( )، على عكس عبدالرؤوف فهو لا يميل إلى لفت الأنظار إلى شكله وهندامه بقدر ما يهوى أن يكوّن رصيداً إنسانياً وأدبياً .
2) أمل " يخاصم أصدقاءه إذا دخل عليهم فلم يتهللوا واقفين جمعياً في فرحة بلقائه، يقتحم الآخرين اقتحاماً، ويبادرهم بالسؤال المباغت في أشد مناطق خصوصياتهم، كأن الحياء لم يمر ببابه ، .... ، انفعالي حاد يتشاجر في لحظات الغضب الأكبر بالأيدي والكراسي والسباب، يهوى المشاحنات الكلامية، والمداعبات الحادة في جرأة مستفزة "( ).
أما عبدالرؤوف، فهو متزن وهادئ لا يكاد يسمع صوته وهو يتحدث، ولكن عند صعوده منصة الشعر ليلقي بدرره على المسامع التي تأبى أن تنصت ، تنقشع الشخصية التي تختبئ وراء ذلك الجسد النحيل ، بصوت رخيم أبرق وأرعد ، يضحى " شيخاً أخذته نشوة الجذب في الحضرة ، فارساً يمتطي صهوة فرسه الجموح "( ).
3) أمل تمسك وبقى في موطنه يعاند التهميش والإقصاء، أما عبدالرؤوف فلقد لجأ إلى الغربة بعد أن ضاق ذرعاً بما لقيه من قمع وتـنكيل.
ونهاية القول فإني آمل من الله تعالى أن أكون قد ساهمت بهذا الجهد المتواضع في تحقيق بعض من الأهداف التي جاهد في سبيلها شعراء الرفض والتمرد، ومن بينها التنبيه إلى مخاطر الادعاء بامتلاك الحقيقة، والعنصرية والتطرق في كل النواحي، كالماضوية والسطحية والاتكالية المفرطة على المغيبات والتفاخر بالأنساب والبكاء على الأطلال ، وكل ما يتنافي مع ما تنادي به الرسائل السماوية والدعوة المستمرة للحب ولعطاء الشامل، وإني لأسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجعل هذا العمل مفيداً لقرائه في كل البنيات التناسلية والبرجوازية والخلاقة .





.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق