الثلاثاء، 26 يناير 2010

دنياواتي الصغرى


وخلقت عالمي الذي أودعته سرّي..
وقلت له تكن برداً عليّ..
النار شبّت بمخزوني،
لم تسالم صفوها..
فتعذّبت روحي بما أهوى ، بمن أهوى ، وما قد أشتهيه..
ناديت ملء حنجرتي،
فجاء صدى يردّد أنني أحتاج أن أرعى عوالم لم تكن فيه..
فقلت: تكن، فكانت..
لا حرف يأويه ، ولا نغم يجاريه،
ولا نهر بكلّ الكون يجري في بواديه،
ليرضيها فترضيه..
وكنت أنا في المدّ أدفعه وأجريه..
معاني أحرفي فيه..
فلا حرف يداويه..
ولا جمل تهادنه ولا نصّ يعاديه..
ولا حين استفاق خليفتي
كانت تراتيل المحبّ توقّع الألحان عطشى كي تعي ما أدّعيه..
. نارٌ عليّ البرد،
أضحى حرفي الملتاع من قدري الذي قدّرته
فأبى يصدّق أنّني لم أحتويه..
شتّان بين أنا ، وأنا المبالي، لا أبالي
كلّ ما خطرت ببالي أستفيق وأرتجيه..
لا الشوق وحّدني
ولا واقعي المسكين يستشري بأحرفه التي تسري بأقدامٍ أبت أن تقتديه..
هاجرت في صمتي إليه فكان فييّ وكنت فيه..
وكان يسمع كلّ نبض خافق متلاحق
أو مستكين لم يعانقني ولكنّ العناق هفا إليه..
عاتبته..
كانت ملامته عليّ تؤرّق الأجفان في ليل تطاول عهده
فتجاذبتني حيرةٌ قذفت بأحلامي إلى التيه..
توحّد فييّ خالفني..
فلي نهج ، ونهجي فيه يسعده ويشقيه..
أناجيه، أسامره،
أحاكيه، أسايره، أساجله، أجاريه..
وعند هجرتي الأخيرة لم يطق صبرا،
فهاجر فييّ أضحى كلّ ما أهواه من دنياواتي الصغرى كامنا فيه..
أنا لو سألت النهر فييّ علام تجري؟
لاصطفاني نبعه من غير تحديد لأزمان وأمكنة،
وصفّق في المسار بشاطئيه..
ساحاتي المخضرّة العطشى لمن يمتدّ ناظره إلى أفقي، متحدّيا ومجاهدا فيه..
أنا لم ألم كوني الذي لم يستكن يوما يراوغ للحروف بلا عدد،
ويغيب من هول الصراع ينمّ عن رفض الأنا ممّا أناجيه، وما قد أرتجيه..
وأعتلي كلّ الروابي الخضر
مؤذّنا بالسلم فيه..
وحينما أسكنتها وأنا بها
أتجاذب المعنى ونطّرح الثرى،
نصحو قبيل الفجر، قد دارت مسارات الحياة هنا.. هناك....
أو شمسها كسفت هلال الحرف،
والنصّ مكتمل البلاغة كامن فيه..
مرهونة نفسي التي أودعتها نار المصلّى
وهي تسجد في خشوع لم يبن فيها عليه..
النار شبّت في المساحات الخرافيّة من فضاء الحبّ،
وكانت دفء كوني منتهى ما أصطفيه أنا إليه..
النار والنور المضيء لواحتي وعوالمي خضعت إليه..
كان اللهيب مطهّرا أعشاب أرضي،
ومعانقا لسمائها ، الروح استفاقت من تخاريف الزمان
ونومة الكهف الذي عطن البرود أصابني بقوافي الحرمان والتيه..
غابات كينيا في يديها أزهرت ،
صحرائي الكبرى تحدّت موتها ممّا بها وتعطّرت بمروجها،
إنسانها صاغ الحروف وسطّر الآيات ابتنى وعيا ينام على يديه..
آمنت بالله التوحّد في الأحد..
بالصوت يجتاز الحدود حروف مد غارقا فيه..
بقبائل الماساي والهوسا والقبائل لا تعد..
بقبائلي وهج الحروف بلا عدد..
مدد من الحبّ الخرافيّ اللهيب المتّقد..
يصبو يتوق إلى الأحد..
ويطلّ من كلّ الحروف الشاهقات ومن فضاءاتي عليه..
في ساعة الميلاد
كان مخاضها نصّا طليقا
على أقدامه يمشي ويزرع كلّ يوم قبلة في الأرض ،
وهج الشموس هفا إليه..
يا أبلغ الكلمات ضمّيني ،
خذيني كي أعيش سنيّ عمري
هانئا بعوالمي التي لا دمع فيها ، وأنت معي ..
لا موت فيها ..
إنها الخلد التي أعددتها لأعيش دنياواتي الصغرى أبتغي ما أبتغيه..
أرتوي ممّا هو؟
ممّ احتوى؟ ممّا هي؟
ممّا تجذّر في النفوس وما اكتسى ثوب الجمال،؟
وما تناثر في الخيال وجارت الدنيا عليه؟..
ما عشت طول العمر أكدح في الحياة
لألتقــــــــــــــــــــيه؟..
.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق