الثلاثاء، 27 يوليو 2010

المقامة المنسيّة:

تأمّلات في الملاعب السندسيّة
ومباريات الكرة السياسية
عبدالرؤوف بابكر السيّد

في يوم من أيّام (الكورة)، تلك اللعبة الأسطورة، الشهيرة في العالم والمشهورة، وخاصّة في دور(الفيفا) المنتظم والمتعاظم، لمباريات كأس العالم، وأنا أتابعها وأرى كيف تتلاعب بالمشاعر أقدامُ اللاعبين، ولها من الجماهير ما ليس لملك أو زعيم أو ثائر أو شيخ دين، عدت ببصري حسيرا، وبقلبي منقبضا كسيرا، إلى مباريات الانتخابات العسيرة في بلادنا الغنيّة الفقيرة، وتأملت الصرف البذخيّ غير المحدود، للأحزاب القديم منها والوليد، تلك الساعية للسلطة عن طريق الاقتراع، بالنزاهة كانت أم بالتزوير والخداع، فقلت في نفسي، وأنا في غاية الحزن والتأسّي، ما أشبه الصراع والميدان، في كرة ذات ألوان، بين الفرق المحلية ، والمنتخبات بين البلدان، ماذا لو أنّ كلّ حزب من الأحزاب دعم فريقا من الفرق المحلية ، واحتكموا لما تسفر عنه اللعبة الشعبية، ومن يحرز الكأس يفوز بكرسي السلطان في أمن وأمان، ويقبل الجميع هذا الرهان..
. وكل أربع سنوات، و(الفيفا) تعدُّ للّقاءات والمجابهات، وتنظّمُ جدولا للمباريات، تكون في بلداننا قد حسمت السلطة بين المتنافسين، على حكم الوطن المسكين، والجماهير راضية بحكم أقدام اللاعبين، وبما يطبقه الحكام من القوانين، والأحزاب وهي تحشد المشجّعين، وتعدّ فنيّا اللاعبين، خيرٌ لها من الوعود في الليالي السياسية بالميادين، ما دام الأمر كما يبدو، لا يعدو اللعب (على الدقون)، للفوز بكرسي الحكم الميمون..وبذا تتاح لفرق الكرة الأكثر شعبية، أن تحسم القضيّة، ولا صرف من الميزانية، ولا أعباء قانونية، أو تشكيك في المفوضيّة، ولا نتائج يندّد بها المهزوم واصفا لها بأنها مزوّرة وغير شرعيّة، وأنّ الأصابع الخفيّة ، قد استغلّت الطبيعة السريّة، أو لأنها لم تراع المعايير الدوليّة، فالمسألة لا تعدو كونها خداع، يحسم به الصراع، بأصوات سرية لا تذاع، ومخفيّة في صناديق الاقتراع، وكلها أربع سنوات، ونعود من أخرى للاحتكام للمباريات، والناس راضون بما تسفر عنه اللقاءات..
وبعد نيل (الكاس)، لن يكون هناك خلاف بين الناس، فالنتيجة ستكون واضحة أمام أعين المشجعين، الحاضرين منهم والمشاهدين، ونكون بذلك قد حسمنا أمر الصراع على السلطة في البلاد، وطوّرنا من لعبة الكفاح والجهاد، وتكون الملاعب السندسية، قد حسمت كذلك نتائج مباريات الكرة السياسية، ويقبل الجميع هذا الحل، لأجل أن نعيش في سلام وفي أمل، وفي أن لا يستمرّ حاكم مدى السنين، ولا نلجأ للخداع والوعود والنفاق والتلوين، والكذب اللعين على المواطنين..ما دامت اللعبة السياسية، لا تختلف عن فن المنافسات الرياضية، والاحتكام للأصوات الشعبية أو حناجر المشجعين..والذين يدعمون فرقهم ومن أدائها يطوّرون، يقبلون بالنتائج، ولمقدرات البلاد يتقاسمون، ويصبر الخاسرون فترة قصيرة وللميادين يعودون، ويحتكمون مرّة أخرى لأقدام اللاعبين..
والمناظرات بين السياسيين تكون في المؤتمرات الصحفية للمدربين، وما يصرف على الانتخابات، يكون قد طوّر المهارات، ما دام الصراع السياسي لعبة، كما الميادين تنافس في الحلبة، والقادر على إقناع الناس بالصبر والكفاف، كالقادر على تحقيق الأهداف.. وبذلك نكون قد حوّلنا الكرة السحريّة، والمنافسات الرياضيّة الكرويّة ، إلى حسم قضيّة الصراعات السياسية. ونكون بذلك حضاريين، فلا ملوك ولا سلاطين، بل طوّرنا اللعبة وحسمنا صراعات الحزبيين ،وتجاوزنا تقليد نظام الغربيين. والفرق بين اللعبتين أن الفرق الرياضيّة تلعب بالمهارات، والأحزاب السياسية تلعب بالمقدّرات، الأولى تمتّع المشاهدين، والثانية تضيّق على المواطنين.. كم أنا موجوع حزين، عندما أرى الشعوب ترزح تحت نير الحكام الميامين، وباسمهم تنتهك القوانين، ويعدّلها كما يشاء السلاطين.أو عن طريق البرلمانيين.. أو دعونا نجد الحلول ، مستخدمين العقول، باحثين عن البديل. ندعوك اللهمّ أنر عقولنا، وثبّت قلوبنا على الحقّ، وألهمنا اليقين، وانصر الشرفاء من أبناء الوطن الأوفياء المخلصين، يا ربّ العالمين .. آمين
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق